وضع داكن
30-11-2024
Logo
سبل الوصول - الدرس : 55 - الحياء فضيلة.
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار العلم والمعرفة، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

الحياء :

أيها الأخوة الكرام، مع موضوعٍ جديد من موضوعات: "سبل الوصول وعلامات القبول"، والموضوع اليوم "الحياء"، هذه المنزلة إن صحّ التعبير منزلة الحياء مستنبطةٌ من آيةٍ كريمة هي قوله تعالى:

﴿ أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى ﴾

[ سورة العلق ]

الله يراك، مطلعٌ عليك، سميعٌ لما تقول، عليمٌ بما يجول به خاطرك.
الشعور بالمراقبة
أيها الأخوة، كلٌ منا إذا شعر أنه مراقب كيف يتصرف؟ بانضباطٍ شديد، إذا شعر أن هاتفه مراقب كيف يتحدث في الهاتف؟ بانضباطٍ مذهل، الإنسان حينما يشعر أن إنساناً من بني جلدته لكنه أقوى منه يراقبه لاشك أنه ينضبط، فكيف إذا علم أن خالق السموات والأرض يراقبه، الله عز وجل يقول:

﴿ فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ ﴾

[ سورة الشعراء ]

﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ * وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ * وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ * الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ ﴾

[ سورة الشعراء ]

يراك في فراشك، يراك في بيتك، يراك مع أخوانك، يراك في بيعك وشرائك، يراك في علاقاتك، يراك في سفرك وفي حضرك، يراك في كل شؤونك،

﴿ الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ ﴾

شعور المؤمن أن الله معه شعور في أعلى مستويات الإيمان :

أيها الأخوة، الآية الثانية:

﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى * عَبْداً إِذَا صَلَّى * أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى * أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى * أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى * أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى ﴾

[ سورة العلق ]

أخوتنا الكرام، أفضل إيمان المرء أن يعلم أن الله معه، شعور المؤمن أن الله معه شعور في أعلى مستويات الإيمان.

﴿ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ ﴾

[ سورة الحديد الآية : 4 ]

هو معكم بعلمه، ما من حركةٍ، ولا من سكنةٍ، ولا من كلمةٍ، ولا من توهمٍ، ولا من نظرةٍ إلا يعلمها، لا تخفى عليه خافية، أيها الأخوة.

 

الله تعالى مع الإنسان في كل حركاته و سكناته :

آيةٌ ثالثة:

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ﴾

[ سورة النساء الآية : 1 ]

الشاهد:

﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾

[ سورة النساء ]

هو يراك، ويعلم ما يجول في خاطرك، ويسمعك،

﴿ وكَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾

﴿ الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ ﴾

هذه المنزلة منزلة الحياء مستنبطة من هذه الآيات.

 

على الإنسان أن يراعي الحياء أمام الله عز وجل :


أيها الأخوة، مرةٌ ثانية: إنسان من بني جلدتك لكنه أقوى منك إذا كان يراقبك تنضبط أشد الانضباط، أحياناً تبتعد عن الشبهات، تبتعد عن كلمة تؤول على طريقتين، تختار كلمة لا تؤول لأنك مراقب، فكيف إذا كان خالق السموات والأرض؟ من بيده شؤونك، من بيده صحتك، من بيده مرضك، من بيده رزقك، من بيده سعادتك، من بيده أن يعطيك أو أن يمنع، أو أن يرفع أو أن يخفض، أو أن يعز أو أن يذل؟ إذا كان هذا الخالق العظيم

﴿ يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ ﴾

﴿ أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى ﴾

﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾

ماذا ينبغي أن تكون حالك معه؟ حال الحياء.
الآن تذهب إلى بلاد الغرب، تدخل إلى محل تجاري كبير، فيه بضائع بالمليارات، لكن هذا المحل مراقب تلفزيونياً
حياتك اليومية تحت الرقابة
انضباط مذهل، يقول لك: الطريق مراقب فيه رادار، كانت السعة مئة وعشرين الآن ستين، هذه نماذج من حياتنا اليومية، إنسان أقوى منك واضع جهاز تصوير في الطريق، وإذا ضبطك بسرعة تفوق السرعة المحددة ستدفع عشرة آلاف، وهناك مخالفات بمئات الألوف، ألا يستحي الإنسان أن ينضبط مع إنسان من بني جلدته لكنه أقوى منه ولا ينضبط مع خالق السموات والأرض؟.
أيها الأخوة، مثل آخر: لو أنه ضيفاً من أقربائك رفيع المستوى، من أوجه وجهاء البلد، زارك في العيد، ماذا تفعل؟ ترتدي أجمل ثيابك، تضبط كلامك، تجلس جلسة مؤدبة مع إنسان، لا يمكن أن تقابل إنساناً كبيراً وفي يدك سُبحة تعبث بها، مستحيل! أنت دون أن تشعر مع إنسان قوي أو كبير، علماً، أو قوةً، أو مالاً، تجلس أمامه بأدب، تتحدث بكلام منضبط، لا تقول كلمةً لا يليق بك أن تقولها، فأنت راقب نفسك مع إنسان من بني جلدتك، أليس الله سبحانه وتعالى أحق أن تراعي الحياء أمامه؟
لذلك هناك آية كريمة يمكن أن تضاف إلى هذه الآيات:

﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ﴾

[ سورة غافر ]

ارتباط الحياء بالإيمان :

أضرب مثلين: أنت جالس في بيتك والنافذة مفتوحة، وهناك بناء أمام بيتك، فيه شرفة، خرجت امرأةٌ حسناء ترتدي ثياباً فاضحة، أنت إذا نظرت إليها ليس على وجه الأرض جهةٌ تضبط هذه المخالفة، أنت في غرفة مظلمة، والنافذة مفتوحة، وامرأةٌ حسناء وقفت على الشرفة بثيابٍ فاضحة، لك أن تملأ عينيك من محاسنها، ولكن المؤمن يغض بصره لأنه يعلم أن الله يراه، هو في البيت، أنا أتيت بمخالفة لا يمكن أن تضبط في الأرض.
الحياء من الإيمان
مخالفة ثانية: طبيب، و لك أن تنظر إلى مكانٍ في جسم المرأة تشكو منه، لو أنك اختلست نظرةً لمكانٍ لا تشكو منه، هل في الأرض كلها جهةٌ تستطيع أن تضبط هذه المخالفة إلا الله؟

﴿ أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى ﴾

﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ﴾

أية نظرةٍ، أية حركةٍ، أية سكنةٍ، أية ابتسامة، ليست في مكانها، أي غضبٍ ينبغي ألا يكون الله يعلمه وسيحاسب عليه، في الحديث الصحيح من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، عن سالم بن عبد الله عن أبيه:

(( أنَّ رَسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم مَرَّ على رَجُلٍ من الأنْصَار وهُو يَعِظُ أخَاهُ في الْحياءِ، فقال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: دَعْهُ فَإنَّ الحياءَ من الإيمانِ ))

[أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ومالك عن عبد الله بن عمر ]

عجيب! منزلة الحياء مرتبطة بالإيمان، فالمؤمن يستحيي، وغير المؤمن لا يستحيي نعكسها، الذي يستحيي مؤمن والذي لا يستحيي ليس مؤمناً، أبسط الأمور أن إنساناً يتحدث بطرف جنسية فاحشة ليس فيه حياءٌ أبداً، لا يخجل من ذكر العورات، وذكر ما يكون بين الرجل وامرأته في الفراش، فالذي يتحدث بهذه الموضوعات بإسهابٍ وتفصيلٍ ويسمي الأشياء بأسمائها هذا ليس عنده حياء من الله عز وجل.

 

ضبط اللسان من علامات الإيمان :

والله أيها الأخوة، الذي يلفت النظر أنك تجلس مع مؤمن، أو تعيش مع مؤمن لثلاثين عاماً لا تسمع منه كلمة تخدش الحياء أبداً، القول الرائع:

(( لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه، ولا يدخل الجنة حتى يأمن جاره بوائقه ))

[أخرجه الإمام أحمد في مسنده عن أنس بن مالك ]

من أبرز خصائص المؤمن ضبط اللسان، لا يوجد كلمة فاحشة، ولا كلمة بذيئة، ولا كلمة يسمي العورة باسمها، هناك انضباط شديد.
فلذلك من علامات الإيمان ضبط اللسان، وأسباب ضبط اللسان الحياء من الواحد الديان، هناك حياء، إذاً قال:

(( دَعْهُ فَإنَّ الحياءَ من الإيمانِ ))

[أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ومالك عن عبد الله بن عمر ]

أنت مؤمن فأنت تملك خلق الحياء، أنت حيي فأنت مؤمن.

تناقض الخيانة والكذب مع الإيمان :

أخوتنا الكرام، من أدق الأحاديث الشريفة:

(( يطبع المؤمن على الخلال كلها ))

[أخرجه الإمام أحمد عن أبي أمامة الباهلي ]

هناك مؤمن عصبي المزاج، ومؤمن يغلب عليه الحلم، وكلاهما مؤمن، هناك مؤمن يحب أن يلتقي بالآخرين، منفتح، ومؤمن يؤثر أن يبقى في البيت، تعزف نفسه على أن يلتقي بأحد، وكلاهما مؤمن، هناك مؤمن يعتني كثيراً بثيابه، ومؤمن أقل عناية، أكثر عناية وأقل عناية، هناك مؤمن يبالغ في اختيار الألوان المناسبة لثيابه، عنده ذوق عال في الثياب، و مؤمن أقل من ذلك، هذه كلها خلال:

(( يطبع المؤمن على الخلال كلها ))

[أخرجه الإمام أحمد في مسنده عن أبي أمامة الباهلي ]

مؤمن عصبي على العين والرأس، قلبه نظيف، قلبه طاهر، مؤمن يغلب عليه الحلم على العين والرأس، مؤمن إنفاقه أكثر مما ينبغي كريم على العين والرأس، مؤمن إنفاقه مدروس جداً، دخله محدود، وعنده أولاد، معه الحق مقبول، أنا يمكن أن ألقي على مسامعكم مئات الحالات من اختلاف الطباع وأصحابها مؤمنون.

(( يطبع المؤمن على الخلال كلها إلا الخيانة والكذب ))

[أخرجه الإمام أحمد في مسنده عن أبي أمامة الباهلي ]

وكأن الخيانة والكذب تتناقضان مع الإيمان، فالمؤمن لا يكذب، والمؤمن لا يخون، وأنت أيها الأخ الكريم: تتعامل مع موظف، قد يرتكب مئات الأخطاء مقبولة إلا إذا كذب أو خان ليس لك من مصلحةٍ أن يبقى عندك، إذا خان أو كذب قالت:

﴿ يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ﴾

[ سورة القصص ]

لذلك قال النبي الكريم:

(( دَعْهُ فَإنَّ الحياءَ من الإيمانِ ))

علامة غير المؤمن أنه لا يستحيي، لا بكلمة بذيئة، ولا بذكر عورة، ولا بطرفة فاحشة، ولا بالتحديق في عورات من حوله، ولا بالتعليق القاسي على ما يرى، هذه كلها من صفات غير المؤمن، لذلك مرتبة الحياء من أفضل مرتبات المؤمن.

 

المؤمن يستحيي أن يعصي الله فالحياء يحمله على الاستقامة :

عن أبي السوار العدوي قال: سمعت عمران بن حصينٍ قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:

(( الحياءُ لا يَأْتي إلا بِخَيْرٍ، فقال بُشَيْرُ بنُ كَعْبٍ: إنَّهُ مَكتوبٌ في الْحِكْمَةِ: إنَّ منه وَقارا، ومنه سَكينة ))

[أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود عن عمران بن حصين ]

الذي يستحيي عنده وقار، والذي يستحيي يتنزل على قلبه السكينة، الذي يستحيي له مهابة، له وقار، والذي يستحيي تتنزل على قلبه السكينة مكافأةً من الله له، وقار أمام الناس وسكينة في قلبه، أي أبسط مفهومات الحياء أن المؤمن يستحيي أن يعصي الله، إذاً الحياء حمله على الاستقامة، المؤمن يستحيي أن يغتاب إنساناً حمله حياءه على الاستقامة.

 

التوحيد أعلى درجات الإيمان :

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال عليه الصلاة و السلام:

(( الإيمان بضع وسبعون شُعبة، وأفضلها قول: لا إله إلا الله ))

[ أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن أبي هريرة ]

أعلى درجات الإيمان أن تكون موحداً، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد، والتوحيد نهاية العلم، نهاية العلم أن تكون موحداً، ألا ترى مع الله أحداً، أن ترى الأمور كلها بيد الله، ألا ترى رافعاً إلا الله، ولا خافضاً إلا الله، ولا معطياً إلا الله، ولا مانعاً إلا الله، ولا معزاً إلا الله، ولا مذلاً إلا الله، هذا هو التوحيد، علاقتك مع جهة واحدة، مع خالق السموات والأرض، لذلك:

(( لا يخافن العبد إلا ذنبه ))

[ورد في الأثر]

هناك أقوياء ، وطغاة، وأشخاص شريرون، ووحوش مخيفة، وحشرات لدغتها قاتلة، الأخطار لا تعد ولا تحصى، ولكن لا تخف منها كلها، خف من ذنبٍ تقترفه، هذا الذنب يستدعي أن يسمح الله لهؤلاء الأشرار أن يصلوا إليك:

(( لا يخافن العبد إلا ذنبه، ولا يرجون إلا ربه ))

بطولة الإنسان لا أن يؤمن بالله فحسب بل أن يؤمن بأنه فعال لما يريد أيضاً :

أيها الأخوة الكرام، إذاً:

(( الإيمان بضع وسبعون شُعبة، وأفضلها قول: لا إله إلا الله، وأدناها: إماطة الأذى عن الطريق ))

[ أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن أبي هريرة ]

إماطة الأذى عن الطريق
هناك حجر لو أبقيته في مكانه ربما يؤذي إنساناً، هناك شيء من الفاكهة يدعو إلى التزحلق، نزعتها وضعتها في مكانها، إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبةٌ من الإيمان، الإيمان ثلاث وستون، أو ثلاث وسبعون شعبة، أعلاها التوحيد وأدناها أن تميط الأذى عن الطريق.

(( والحياءُ شُعْبَةٌ من الإيمان ))

[ أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن أبي هريرة ]

لذلك قال تعالى:

﴿ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ ﴾

[ سورة يوسف ]

البطولة لا أن تؤمن بخالق السماوات والأرض أن تؤمن بأنه:

﴿ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ﴾

[ سورة البروج الآية : 16 ]

وأنه :

﴿ فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ ﴾

[ سورة الزخرف الآية : 84 ]

النبي عليه الصلاة و السلام كان أشد حياءً من العذراء في خدرها :

الآن من شمائل النبي أن النبي عليه الصلاة و السلام كان أشد حياءً من العذراء في خدرها، فإذا رأى شيئاً يكرهه عرفناه في وجهه، عنده حياء عال جداً، مرة سألته امرأة كيف تتطهر من الحيض؟ قال لها:

(( خُذي فِرْصَة من مِسْك، فتطَّهري بها، قالت: كيف أتطهَّر بها؟ قال: تطهري بها، قالت: كيف أتطهَّر بها؟ قال: سبحان الله! تطهري بها، فاجْتَذَبْتُها إليَّ فقلت: تتَّبعي بها أثَرَ الدم ))

[أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي عن عائشة أم المؤمنين ]

استحيا أن يشرح دقائق دقائق الأمور النسائية:

(( خُذي فِرْصَة من مِسْك، فتطَّهري بها، قالت: كيف أتطهَّر بها؟ قال: تطهري بها، قالت : كيف أتطهَّر بها ؟ قال : سبحان الله ! تطهري بها، فاجْتَذَبْتُها إليَّ فقلت: تتَّبعي بها أثَرَ الدم ))

أحياناً تجد امرأة تتصل بالهاتف تسأل سؤالاً غير معقول، أن تخاطب امرأة رجلاً بهذا السؤال! لذلك أنا أتمنى أن يتعلم النساء أمور الفقه لتكون المرأة في بعض المواقف وفي بعض الموضوعات أولى من الرجل في الإجابة عن الموضوعات النسائية، فكان عليه الصلاة والسلام أشد حياءً من العذراء في خدرها، ورد:

(( لا تحمروا الوجوه ))

[ورد في الأثر]

هناك شخص يحرجك، يضايقك، يتكلم كلمة فيها غلط، الرقم غير صحيح، أي إذا القضية ليس لها علاقة بالعقيدة، أعطى رقماً، أو أعطى سعراً، أو أعطى درجة حرارة ليس متأكداً منها أمام عشرين أو ثلاثين إنساناً، سفهته، فمن حياء المؤمن أنه لا يحرج أحداً.

(( لا تحمروا الوجوه ))

لا تخجله، لا تضعه في زاوية ضيقة، الموضوع خلافي وغير ثابت سأرويه لكم: كان النبي مع أصحابه في طعام، أكلوا لحم جزور، ثم جاء وقت الصلاة، توضؤوا جميعاً وصلوا الظهر، وأكلوا هذا الطعام، والآن إلى صلاة العصر، يبدو أن إنساناً انتقض وضوءه مع رائحة، من الذي سيقوم ليتوضأ؟ هذا الإنسان، فقال: كل من أكل لحم الجزور فليتوضأ، أي لم يحرجه، هذا تفسير، وهناك تفسير آخر.

 

من علامات المؤمن انضباطه باللباس :

أيها الأخوة، عن عبد الله بن مسعودٍ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:

(( اسْتحْيُوا مَنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَياءِ ، قُلنا : إنَّا لَنسْتَحيي من اللَّه يا رسولَ اللَّه والحمدُ للَّه، قال: لَيس ذَلِكَ، ولكنَّ الاسْتِحياءَ مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَياءِ: أنْ تَحْفَظ الرَّأْسَ ومَا وَعى والْبَطْنَ ومَا حَوى، وتذْكْرَ المَوتَ والبلى، وَمنْ أرادَ الآخِرَةَ تَرَك زِينَةَ الدُّنيا، وآثَرَ الآخِرَةَ عَلى الأُولى، فَمنْ فَعلَ ذِلكَ فَقَدِ اسْتَحْي من اللَّه حقَّ الحياءِ ))

[أخرجه الترمذي عن عبد الله بن مسعود ]

هل تطلق بصرك في محاسن النساء؟ إذاً أنت لا تستحيي من الله، هل تطلق لأذنك أن تستمع إلى شيءٍ لا يرضي الله؟ إذاً أنت لا تستحيي من الله، هل تنطق بلسانك كلماتٍ بذيئة فاحشة أو محرجة؟ أنت لا تستحيي من الله.

(( أنْ تَحْفَظ الرَّأْسَ ومَا وَعى والْبَطْنَ ومَا حَوى ))

هل تشتري بمالٍ حرام طعاماً تأكله؟ إذاً أنت لا تستحيي من الله، هل تعيش حياتك لا تعبأ بالموت إطلاقاً؟ أنت لا تستحيي من الله .

(( وتذْكْرَ المَوتَ والبلى َمنْ أرادَ الآخِرَةَ تَرَك زِينَةَ الدُّنيا ، وآثَرَ الآخِرَةَ عَلى الأُولى ، فَمنْ فَعلَ ذِلكَ فَقَدِ اسْتَحْي من اللَّه حقَّ الحياءِ ))

أيها الأخوة الكرام، الحياء من صفات المؤمنين، وعلامة إيمانك الحياء من الله، مرة إنسان اغتسل عرياناً أمام الناس، وكان عند النبي يعمل بأجر، فقال له:

((لا أراك تستحيي من ربك خذ إجارتك لا حاجة لنا بك ))

[عبد الرزاق عن رافع بن خديج]

إنسان يقوم بثياب فاضحة، بثياب داخلية في البيت، أمام بناته، أمام أولاده، أمام أقاربه، هذا الموقف لا يوجد فيه حياء إطلاقاً، فمن علامات المؤمن انضباطه باللباس، انظر إلى الآية:

﴿ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ ﴾

[ سورة النساء الآية: 43 ]

هذه العبارة تعني شيئاً تعلمونه، لكن لا تخدش حياء الطفل،

﴿ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ ﴾

الدين كله حياء :

قال: يا بنيتي إن هذه الثياب تصف حجم عظامك، كلمة عظام لا تثير شهوةً، أما أي كلمة أخرى فتثير شهوة، إن هذه الثياب تصف حجم عظامك،

﴿ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ ﴾

إذاً القرآن الكريم.

﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ﴾

[ سورة المؤمنون ]

انظر

﴿ وَرَاءَ ذَلِكَ ﴾

دخل في هذه الكلمة كل أنواع الانحراف الجنسي،

﴿ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ ﴾

القرآن الكريم، والنبي عليه أتمّ الصلاة والتسليم يعلمنا الحياء بالتعبير، أما أن تصف الأشياء بأسمائها الفاضحة باسم لا حياء في الدين، فلا، الدين كله حياء.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور