وضع داكن
30-11-2024
Logo
موضوعات مختلفة - العراق : 3 - قواعد الدعوة إلى الله
رابط إضافي لمشاهدة الفيديو اضغط هنا
×
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة و السلام على سيدنا محمد ، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين ، وعلى صحابته الغر الميامين ، أمناء دعوته ، وقادة ألويته ، وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .

النتاج العقلي والشعوري للبشرية هو علم وفلسفة وفن :


أيها الأخوة الكرام ؛ أيها الأساتذة الأجلاء ؛ أيها الطلاب و الطالبات الأكارم ؛ من النهاية إن وجدتم في محاضرتي تلك ما كنتم تتوقعون فالفضل لله وحده ، وإلا فحسبكم الله ونعم الوكيل .

النتاج العقلي والشعوري للبشرية أوسع تعريف ، النتاج العقلي والشعوري للبشرية لا يزيد عن علمٍ وفلسفةٍ وفن ، فالعلم ما هو كائن ، والفلسفة ما يجب أن تكون ، والفن ما هو ممتع، ما هو كائن يوجد ظاهرة فيزيائية ، علم الفيزياء ، ظاهرة كيمائية ، علم الكيمياء ، ظاهرة بيولوجية علم البيولوجية ، ما هو كائن ظاهرة موجودة ، أما الفلسفة فما يجب أن تكون ، الفلسفة ثلاثة أبواب كبيرة ، فلسفة الوجود ، وفلسفة المبادئ ، وفلسفة القيم ، أما الفن فما هو ممتع ، فإذا قرأت قصة ، أو تابعت فيلماً ، أو قرأت مسرحية ، و حركت فيك المشاعر العليا ، والتفكير المرتفع ، فأنت أمام فن رفيع ، كنا بالعلم ، صرنا بالفلسفة ، الآن بالفن ، فإن لم تحرك إلا التافه من مشاعر الإنسان ، والسخيف من معلوماته ، فأنت أمام فن رخيص ، وبالإمكان أن تدمر أمة بالفن الرخيص ، أمة بأكملها بالفن الرخيص ، فلذلك أعداء الدين قالوا : كنا نحاربهم بالآلة ، الآن نحاربهم بالمرأة .
عندما احتلت فرنسا الجزائر أنشأت ثلاثاً وأربعين محطة إباحية موجهة للجزائر ، النقطة الدقيقة جداً هناك كلمة أقولها بشكل موضوعي ، الآن شئنا أم أبينا يوجد محور واحد يحكم الأرض ، تحته يوجد ثلاث دوائر ، أول دائرة هي دائرة التحكم ، الدول .. أي فرنسا ، بريطانيا ، إيطاليا ، النمسا ، سويسرا ، كندا ، أستراليا ، هذه الدول لم يسمح لإحداها أن تحل محل قطر واحد ، هذه أول واحدة .
يوجد دائرة ثانية ؛ اسمها دائرة الضبط ، الدول الصين ، اليابان ، هذه الدول دول الشرق الأوسط ، أمريكا الجنوبية ، لن يسمح لإحدى هذه الدول أن تنتقل للمرحلة الأعلى ،  الثالثة شيء مؤلم جداً ؛ دول التدمير ، أي يوجد دين حي وهو الإسلام ، لا يزال حياً ، و ينمو نمواً مذهلاً ، هناك دراسة أكاديمية ليست إسلامية فرنسا عام 2050 الدين الأول فيها الإسلام ، هذا الدين ينمو نمواً عجيباً ، دين وسطي ، جمع بين الدنيا والآخرة ، بين المبادئ والقيم ، بين الماضي والحاضر ، جمع بين حاجات الإنسان كلها ، هذا الدين ينمو نمواً عجيباً ، النبي قال من باب البشارة و ليس من عنده ، من وحي السماء :

(( عن تميم الداري رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل ، عزاً يعز الله به الإسلام وأهله ، وذلاً يذل الله به الكفر . وكان تميم الداري يقول : قد عرفت ذلك في أهل بيتي لقد أصاب من أسلم منهم الخير والشرف والعز، ولقد أصاب من كان منهم كافراً الذل والصغار والجزية ))

[ أخرجه الطبراني في المعجم الكبير والإمام أحمد ]

أي مكان في الأرض فيه ليل ونهار يصله هذا الإسلام .
أنا كنت بأستراليا ، ملبورن ، آخر مدينة في الأرض ، فيها معهد شرعي ، فيها جامعة ، فيها دعوة إسلامية

(( ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ))

هذه من بشارة النبي عليه الصلاة والسلام .

الإنسان هو المخلوق الأول رتبةً والمفضل تكريماً والمحاسب مسؤولية :


لذلك الإنسان المخلوق الأول في الكون ، الدليل :

﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً (72)  ﴾

 

[ سورة الأحزاب ]


في عالم الذر كل شيء في الكون كان نفوساً ، الدليل :

﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً (44) ﴾

[ سورة الإسراء ]

﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ ﴾

أي الكون ، والكون ما سوى الله 

﴿ وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ ﴾

فلما قبِل هذا الإنسان حمل الأمانة كان عند الله المخلوق الأول رتبةً ، والمفضل تكريماً ، والمحاسب مسؤولية ، فالإنسان هو المخلوق الأول الذي قبِل حمل الأمانة .
للتقريب : رجل غني جداً ، عنده عشرة أولاد ، قال : لكل واحد منكم بيت ونفقات زواج ، وسيارة ، وراتب شهري مئة ألف ، أما إن جاءني أحدكم بدكتوراه من أمريكا فسأعطيه نصف أملاكي ، و إن لم يأتِ بهذه الشهادة أجعله متسولاً ، لا يوجد حل وسط .
ركّب الملك من عقل بلا شهوة ، وركّب الحيوان من شهوة بلا عقل ، وركّب الإنسان من كليهما ، فإن سما عقله على شهوته أصبح فوق الملائكة ، وإن سمت شهوته على عقله أصبح دون الحيوان ، لا يوجد حل وسط .
فلذلك :

(( إني والإنس والجن في نبأ عظيم ، أخلق ويعبد غيري ، وأرزق ويشكر سواي ، خيري إلى العباد نازل ، وشرهم إلي صاعد ، أتحبب إليهم بنعمي ، وأنا الغني عنهم  و يتبغضون إليّ بالمعاصي وهم أفقر شيء إلي ، من أقبل عليّ منهم تلقيته من بعيد و من أعرض عني منهم ناديته من بعيد ، أهل ذكري أهل مودتي ، أهل شكري أهل زيادتي أهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي ، إن تابوا فأنا حبيبهم ، وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من الذنوب والمعايب ، الحسنة عندي بعشرة أمثالها و أزيد ، و السيئة بمثلها وأعفُ ، وأنا أرأف بعبدي من الأم بولدها  ))

قواعد الدعوة إلى الله جلّ جلاله :


1 ـ القدوة قبل الدعوة :


الآن لو دخلنا إلى الدعوة إلى الله ، وقد طُلب مني هذا الموضوع ، ما من شيء أعظم من الدعوة إلى الله ، الدليل ، بالدين لا يوجد شطط ، لولا الدليل لقال من شاء ما شاء ، لا تقبل شيئاً بالدين إلا بالدليل ، ولا ترفض شيئاً إلا بالدليل .
" إن هذا العلم دين ، فانظروا عمن تأخذون دينكم ، ابن عمر دينك دينك ، إنه لحمك و دمك ، خذ عن الذين استقاموا ، و لا تأخذ عن الذي مالوا " .
لذلك هذا الدين العظيم هو الدين الخاتم ، أي بعده لا يوجد دين إطلاقاً ، وهذا الدين جامع مانع ، أي قواعد الدعوة إلى الله ، أول قاعدة كبيرة جداً ، القدوة قبل الدعوة ، الناس يتعلمون بعيونهم لا بآذانهم ، والنبي :

﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً    (21) ﴾

[ [ سورة الأحزاب ] ]

نحن الإسلام كلامي ، محاضرة ، معلومات ، أدلة ، وهناك إسلام عملي ، القدوة ،  فالنبي كان الداعية الأول في الأرض .

﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (45) وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً (46)  ﴾

[ [ سورة الأحزاب ] ]

والثانية :

﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾

عندنا عنا نص يلقى ، يتلى، يقرأ ، ومنظر حركي هو الأسوة ، الحقيقة النص يؤول ، ويمكن أن يتلاعب فيه ، من باب التأويل ، أما الحركة فقطعية الدلالة ، فلذلك السنة العملية قوية جداً ، هكذا فعل النبي ، أما هكذا قال فهناك تأويلات ، هناك من يحاول أن يؤول النص على خلاف ما أراده النبي ، إذاً عندنا  نص يتلى ، وحركة تسجل ، فالدعوة إلى الله فرض عين على كل مسلم ، كلام قد يكون غريباً ، الدليل ، لولا الدليل لقال من شاء ما شاء :

﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108) ﴾

[  سورة يوسف ]

فأي إنسان لا يدعو إلى الله ليس متبعاً لرسول الله ، والآية تقول : 

﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِ بْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31) ﴾

[ سورة آل عمران ]

هي الدعوة العامة ، الدعوة التي هي فرض عين على كل مسلم ، دقق ، في حدود ما تعلم ، ومع من تعرف فقط ، حضرت خطبة بجامع ، تأثرت بآية ، اذكرها لزوجتك ، لأولادك، لقرنائك ، لأصدقائك في سهرة ، هذه الدعوة فرض عين 

﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي ﴾

  آية الدعوة كفرض عين : 

﴿ أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ﴾


أما الدعوة الاحترافية فتحتاج إلى تعمق ، وإلى تبحر ، وإلى تثبت ، وإلى تفرغ ،   تفرغ ، تعمق ، تبحر ، تثبت ، هذه إذا قام بها البعض سقطت عن الكل ، الفرض العين على كل مسلم كائناً من كان ، أنا أقول لشخص مسلم : لماذا تصلي ؟ ما هذا السؤال يا أستاذ ! لأن الصلاة فرض عين ، والدعوة إلى الله في حدود ما تعلم ، ومع من تعرف ، فرض عين .
أوضح مثل ؛ يوجد بسهرة عالم رباني ، ذكر آية تأثرت بها تأثراً كبيراً ، اذكرها لزوجتك ، لأولادك ، لأصدقائك ، إلى آخره ، هذه الدعوة فرض عين على كل مسلم ، في حدود ما تعلم ومع من تعرف ، أما الدعوة الاحترافية فتحتاج إلى تفرغ ، وإلى تبحر ، وإلى تعمق ، و إلى تثبت ، هذه إذا قام بها البعض سقطت عن الكل ، والدليل :

﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) ﴾

[ سورة آل عمران ]

منكم ، من بعضكم ، إلى آخره ، إذاً هناك دعوة فرض عين ، ودعوة احترافية ، أما أي إنسان مسلم مكلف بدعوة فرض العين فالقدوة قبل الدعوة ، الناس يتعلمون بعيونهم لا بآذانهم.
مثل بسيط : لو أن امرأة ذهبت إلى بيت الجيران مع ابنتها ، و طال الوجود في هذا المنزل ، وتأخر الطعام ، وجاء الزوج غاضباً ، أين الطعام ؟ أين كنتم ؟ تقول : لم نخرج من البيت ، هذه البنت الصغيرة شربت الكذب من أمها ، كانت معها ، أين كنتم ؟ لم نخرج من البيت ، فلذلك القدوة قبل الدعوة .

2 ـ الإحسان قبل البيان :


الآن والإحسان قبل البيان .
كطرفة ؛ كان لي درس بالشام عن العلاقات الزوجية ، الدرس كان مؤثراً جداً ، لي بنت عمرها ثماني سنوات ، امرأة تعرف ابنتي قالت لها : أبوكِ بالبيت مثلما يتكلم الآن ؟ 
يعنيك من المهندس فقط المعلومات ، يوجد شق عرضي بالبناء ، هذا ليس خطراً ، الطولي خطر ، أما العرضي فليس خطراً ، يوجد هبوط بالأساس ، أنت تحتاج إلى مهندس لا يهمك أنه قام الليل ، وأنت بحاجة لطبيب لا يهمك أنه صام ، مختص بالمعدة ، لكن الداعية إن لم تتأكد أنه يطبق ما يقول فلن تصغي إليه إطلاقاً .
أنا التقيت مع الإمام الشعراوي مرتين أو ثلاث ، في مرة الأخيرة سألته نصيحة للدعاة إلى الله ، وهو من كبار الدعاة في الحقيقة ، النتيجة أنا توقعت أن يتكلم ساعة ، لأن هذا أهم سؤال ، نصف ساعة ، ربع ساعة ، ثلث ساعة ، خمس دقائق ، دقيقة ، جملة واحدة ، قال لي : ليحذر الداعية أن يراه المدعو على خلاف ما يدعوه ، هذه مصداقية الدعوة .
فلذلك الداعية لا تكفي معلوماته الدقيقة ، ولا نصوصه ، ولا فهمه العميق ، لابد من أن يتأكد من يستمع للداعية- وأنتم دعاة إلى الله - أنه يطبق ما يقول ، فالقدوة قبل الدعوة .
 قال : والإحسان قبل البيان ، أملأ قلب من تدعوه بإحسانك ليفتح لك عقله لبيانك ، الإحسان .
 الحقيقة أن سيدنا خالد يوجد خبر تاريخي لكنه مدهش ، أن أهل حمص أسلموا جميعاً من دون حرب ، أنا تفسيري المتواضع ؛ لأنهم ما اغتصبوا امرأة ، ولا سرقوا شيئاً ، فأسلموا .
سيدنا صلاح الدين ، وأنتم في بلده ، هذا الرجل اشترى الأثاث من النصارى بأثمانها، الدين مداه كامل ، الدين استقامة تامة ، الدين تعفف ، والله عز وجل يدعم هؤلاء ، ممكن إنسان ينتصر على سبع وعشرين دولة أوروبية ؟ هو من عندكم من هنا ، هذا الإسلام .

﴿ فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (249)  ﴾

[ سورة البقرة ]

3 ـ الأصول قبل الفروع :


القدوة قبل الدعوة ، و الإحسان قبل البيان ، و الأصول قبل الفروع .
أذكر قصة لطيفة ، أن إنساناً فرنسياً أسلم على يد شيخ مصري ، أبقاه في أحكام المياه ستة أشهر ، فخرج من جلده وترك الدين كله ، بالفقه يوجد شيء كهذا ، بالكتب المطولة يوجد شيء كهذا عن أحكام المياه ، أبقاه في أحكام المياه ستة أشهر حتى خرج من جلده ، وترك الإسلام ، التقى مع الإمام محمد عبدو ، قال له : الماء الذي تشربه توضأ منه ، ألغى له ستة أشهر .

نحن بحاجة إلى اختصار ، وتطبيق ، وعقلنة ، كلامي دقيق جداً ، المطولات بالفقه لا تلزمنا ، كل بيت فيه ماء طاهر عن طريق البلدية تفتح الصنبور يأتيك ماء طاهر ، لم يكن هناك ماء للبيوت ، الآن لا تحتاجها أنت ، بحاجة إلى اختصار ، وإلى عقلنة ، العقل أعقد جهاز خلقه الله فيك ، العقل للآن أعقد جهاز مخلوق ، ماذا أتكلم عن العقل ؟ مبدأ السببية ، و الغائية ، وعدم التناقض ، أنت لا تفهم شيئاً بلا سبب ، سافرت سفرة طويلة ، أغلقت الكهرباء في البيت كلياً ، وسافرت ، وعدت رأيت المصابيح متألقة ، لماذا تضطرب ؟ إذا وجدت إنارة ، ليس السؤال عن الإنارة ، بل عمن دخل للبيت ، عقلك لا يصدق أن الأجهزة تألقت بذاتها ، لا يصدق ، هذا مبدأ السببية .
مبدأ الغائية ؛ أنت راكب سيارتك ، يوجد خلفك شاحنة ، وفيها سلسلة حديدية تلامس الأرض ، لماذا هذه ؟ أنت لا علاقة لك بالشحن إطلاقاً ، ولا تعمل في هذا المجال ، لماذا تسأل عن حكمة هذه السلسلة ؟ هذه من أجل سحب الصاعقة إلى الأرض .
أنا مرة أذكر وجدت صحن بلور له حواف من الأسفل ، يوجد فتحة تضعها بالحليب لا يفور الحليب ، يغلي لكنه لا يفور ، المشكلة انحلت عندي ، نضع الحليب على النار و نذهب ، لا يفور ، كيف ؟ الآلية ؛ الفقاعات تخرج إلى السطح تدفع القشدة يفور الحليب ، نحن الآن جمعناها بمكان واحد ، فثقبت القشدة .
فأنت بحاجة أن تفهم العلم ، فكل شيء له سبب ، له غاية ، وله علم ، هذا مفهوم؟
كل شيء وقع أراده الله ، وكل شيء أراده الله وقع ، فلابد من السبب ليكون واضحاً جداً ، القدوة قبل الدعوة ، والإحسان قبل البيان ، والأصول قبل الفروع .

4 ـ مطابقة العقل للواقع :


الآن أن يكون الكلام مقبولاً عقلاً ، ومقبولاً فطرة ، ومقبولاً عاطفة .
يوجد كثير من الشواهد ، الإنسان ينمي عقله بالعلم ، وينمي قلبه بالحب ، وجسمه بالطعام والشراب ، فإذا غذيت عقل الإنسان بالعلم ، وغذيت قلبه بالحب ، وغذيت جسمه بالطعام والشراب أحطت به ، وانتصرت عليه ، فلابد من داعية يغذي عقول من يستمع إليه بالعلم ، نصوص صحيحة ، مدروسة ، مدللة ، فيها تحقيق دقيق بالعلم ، ولابد من أن يكون هناك حب ، الحب فيه عطاء ، غذِّ عقله بالعلم ، وغذِّ قلبه بالحب .
ابن آدم اطلبنِي تجدني ، فإذا وجدتني وجدت كل شيء ، فإذا غذيت عقل المستمع بالعلم ، وغذيت قلبه بالحب ، نما وأعطى .

بالمناسبة ، هناك حبّ في الله ، و حبّ مع الله ، الحب في الله عين التوحيد ، أن تحب الله ، أن تحب رسله جميعاً ، الأنبياء جميعاً ، الصحابة جميعاً ، وأؤكد على ذلك  الصحابة جميعاً ، يجب أن تحب كل الناس ، من خلق الله عز وجل ، هذا الحب في الله عين التوحيد ، والحب مع الله عين الشرك ، أن تحب جهة تمنعك أن تصلي هذا عين الشرك ، الحب في الله عين التوحيد ، والحب مع الله عين الشرك .
فلذلك الحب لا بد منه ، الحب أصل الدين ، الحب ميل القلب ، العقل حقيقة أما الحب فميل ، الحب في الله غير الحب مع الله ، الحب مع الله عين الشرك .
لذلك القدوة قبل الدعوة ، والإحسان قبل البيان ، والأصول قبل الفروع ، وأن يكون الكلام مطابقاً للعقل ، مطابقاً للواقع ، ومطابقاً للجو العام .
الدعوة إلى الله فرض عين على كل مسلم في حدود ما تعلم ، ومع من تعرف .

﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33) ﴾

[ سورة فصلت ]

أي هو منهم جميعاً .

﴿ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34)  ﴾

[ سورة فصلت ]

وهذه الدعوة إلى الله هي الأصل من أصول الدين ، أما الأنبياء ، والرسل ، والصحابة الكرام ، والدعاة الصادقون فهم أساس الدعوة إلى الله ، وكم من بلد فتح عن طريق المسلمين وهم قلة :

﴿ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

إخفاء الصور