وضع داكن
29-11-2024
Logo
رياض الصالحين - الدرس : 021 - حديث الإيمان بضع وسبعون شعبة – صور من مواقف عثمان بن عفان1.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

 

تمهيد :


أيها الإخوة المؤمنون؛ لا زلنا في أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام المتعلقة ببيان كثرة طرق الخير.

(( فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً, فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ, وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ, وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ. ))

[ أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ]

(( الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً )) شك الراوي في أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: بضع وسبعون, أو قال: بضع وستون، هذا منتهى الدقة في نقل الأحاديث.

(( عَنْ الْمُغِيرَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ, قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ, مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ ))

[ أخرجه البخاري ومسلم ]

فمن روى حديثاً، وصرح أن النبي عليه الصلاة والسلام قاله، وهو يعلم أنه لم يقله، فليتبوأ مقعده من النار، لكن النبي عليه الصلاة والسلام رحمة بنا, قال: متعمِّداً، لأن الإنسان قد ينطلي عليه قول يظنه للنبي عليه الصلاة والسلام, وهو ليس للنبي، فمن روى كلاماً، ونسبه إلى النبي خطأً من دون قصدٍ، فالنبي عليه الصلاة والسلام قال:

(( إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ, وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ ))

[ أخرجه ابن ماجة عَنْ أَبِي ذَرٍّ الغفاري في سننه ]

أما: (( مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا, فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ ))

الأحاديث أعلاها: 

المتواتر تواترًا لفظيًا، وبعده يأتي التواتر المعنوي، وبعده يأتي الحديث الصحيح، وبعده يأتي الحديث الحسن، وبعده يأتي الحديث الضعيف.

علماء الحديث قبلوا الحديث الضعيف في المعاملات، في الأخلاق، أما أن يستنبط من حديث ضعيف حكم شرعي, فهذا لا يجوز.

وأما الموضوعات؛ فهذه أحاديث باطلة لا أصل لها، فيجب عن المسلم أن ينزِّه لسانه عن رواية الأحاديث الموضوعة.

إذاً: 

عليه أن يتحقق.

إذاً: 

طلب العلم واجب على كل مسلم، هذا الكلام ساقنا إليه قول الراوي: (( الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً )) ليس متأكدًا، بضع وسبعون، أو بضع وستون (( الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً, فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ, وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ, وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ ))

ومعنى متفق عليه: 

أي أن أئمة الحديث اتفقوا على صحَّته.

إذا قلت: رواه الشيخان، أي البخاري ومسلم، إذا قلت: متفق عليه، أي أن أئمة الحديث: اتفقوا على صحة هذا الحديث.

وبالمناسبة: تحرَّ أن يكون عندك كتاب للحديث النبوي الشريف، ترجع إليه عند الضرورة.  


الشطر الأول من الحديث: الإيمان بضع وسبعون شعبة، أفضلها لا إله إلا الله.


 (( الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً, فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ, وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ, وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ )) فالإيمان بضع وسبعون، أو بضع وستون شعبة، فأفضلها قول: لا إله إلا الله.

العلماء قالوا: نهاية العلم لا إله إلا الله، فإذا تيقنت أنه لا إله إلا الله، لا مسير، لا معطي، لا رازق، لا مانع، لا رافع، لا خافض، لا معز، لا مذل، لا قابض، لا باسط، إذا تيقنت أنه لا إله إلا الله، وليس في الكون إلا الله، وإذا تيقنت أن كل شيء ما خلا الله باطل، إذا تيقنت أن يد الله فوق أيديهم، إذا تيقنت أن الله خالق كل شيء, وهو على كل شيء وكيل، إذا تيقنت أن بيده الخلق والأمر، إذا تيقنت أنه إليه يرجع إليه الأمر كله فاعبده وتوكل عليه، إذا تيقنت أن كل ما في الوجود لا يستطيعون, ولو اجتمعوا أن ينفعوك بشيء حتى يأذن الله، ولا أن يضروك بشيء حتى يأذن الله، هذا هو التوحيد، التوحيد يقودك إلى طاعة الله، ونبذ ما سواه، والشرك يقودك إلى معصية الله, وطاعة من سواه، فالذي يعصي الإله، ويطيع المخلوق في معصية الخالق، فهو قطعاً مشرك، يقول الله سبحانه وتعالى:

﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً (36)﴾

[ سورة النساء ]

في هذه الآية: أمر ونهي، لماذا جاء الأمر مع النهي؟ لأن من مقتضيات الأمر ألا تعبد أحداً معه، فإذا عبدت أحداً معه فقد أشركت, فالذي يقول: لا أستطيع، أخاف من فلان، أخاف أن يقول الناس عني: كذا وكذا، أستحي من أن أتهم بكذا وكذا، هذا الذي يقول هذا القول: لا يعرف الله أبداً، ولو عرفه لما عبد سواه:

﴿ مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (56)﴾

[ سورة هود ]

نوافل العبادات، نوافل المعاملات، نوافل الأعمال الصالحة، جميع هذه النوافل ليست مقبولةً, ما لم تؤدَّ الفرائض، إنسان لا يصلي، لكنه عمَّر مسجدًا، لا، لا بد من أن يصلي أولاً، التقرب إلى الله, لا يكون بالإحسان, من دون صلاة، هناك تسديد، وهدى، ورشاد، وتوفيق، وتوجيه نحو ما ينفعك.

هذا الوحي كله، فحوى رسالات الأنبياء، ملخص القرآن الكريم، كلمة النجاة، كلمة الخلاص، كلمة الفوز، والله فهمها سهل، ولكن أن تعيشها شيء, يحتاج إلى جهود جبارة، فهم المعنى سهل؛ لا رافع، ولا خافض، ولا معز، ولا مذل، ولا معطي، ولا مانع، ولا ضار، ولا نافع إلا الله، المعنى سهل، لكن البطولة أن تواجه خطراً, فتعتقد أن الله بيده كل شيء، أن تواجه شخصاً مخيفاً، يخافه جميع الناس، أنت كمؤمن: أن تعتقد أن هذا الشخص المخيف الذي يخافه جميع الناس, لا يستطيع أن يتحرك ولا قيد أنملة إلا بإذن الله، هذا هو الإيمان, قال تعالى:

﴿ قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً (26)﴾

[ سورة الكهف  ]

لكل شيء حقيقة، وما بلغ عبد حقيقة الإيمان, حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه, وما أخطأه لم يكن ليصيبه.

ما من إنسان يصيبه الهم والحزن إلا لنقص إيمانه بـ: لا إله إلا الله.

ما من إنسان يقع في معصيةٍ خوفاً على حياته, أو خوفاً على رزقه، إلا لنقص إيمانه بـ : لا إله إلا الله.

ما من إنسان يصيب قلبه الفزع إلا بنقص إيمانه بـ: لا إله إلا الله.

لأن ربنا عز وجل قال:

﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ (151)﴾

[ سورة آل عمران ]

لأنهم أشركوا, قذف الله في قلوبهم الرعب، الله سبحانه وتعالى يقول:

﴿ فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ (213)﴾

[ سورة الشعراء ]

إنه من ضعف اليقين كما قال عليه الصلاة والتسليم:

(( إنَّ من ضَعْفِ اليَقِينِ أن تُرْضِيَ الناسَ بسَخَطِ اللهِ تعالى ، وأن تَحْمَدَهُم على رِزْقِ اللهِ تعالى ، وأن تَذُمَّهُم على ما لم يُؤْتِكَ اللهُ تعالى  ))

[ حديث ضعيف رواه أبو نعيم في الحلية والبيهقي ]

هذا هو ضعف اليقين هكذا (( الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً, فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ)) القول سهل، ولكن الله عز وجل في نص القرآن الكريم، وفي آية محكمة، وفي صيغة الأمر, يقول لك: ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ) .

( فَاعْلَمْ ) : يجب أن تعلم.

إذاً: يجب أن تتعلم.

إذاً: يجب أن تحضر مجالس العلم، يجب أن تسأل، يجب أن تتحقق، يجب أن تتوثَّق، يجب أن يبلغ علمك بهذا الموضوع علم اليقين، وهذه قضية مصيرية .

أنا أؤكد لكم ذلك: لو أن مخلوقاً يخشى بأسه, أمرك بمعصية الله، فإذا أيقنت أن هذا المخلوق بيد الله، وأنه لا إله إلا الله, تقول: معاذ الله، لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، إذاً: تنجو من عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، فإذا كان إيمانك بـ: لا إله إلا الله ضعيفاً، فأغلب الظن أنك تنساق لطاعة هذا المخلوق في معصية الخالق، ما الذي يحدث؟ تغضب الله وتغضب الناس، من أرضى الله بسخط الناس, رضي عنه الله, وأرضى عنه الناس، ومن أسخط الله برضى الناس, سخط عنه الله, وأسخط عنه الناس.

لذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام: (( الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً, فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ )) هذه العقيدة الصحيحة، هذه فحوى العقيدة . 

 

الشطر الثاني من الحديث: وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ.


قال عليه الصلاة والسلام: (( وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ, وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ )) أن تزيح حجراً، أن تزيح غصناً، يعترض الناس في طريقهم، أن تزيح قشرة موز، إزاحتها أيضاً من العمل الصالح، هذا كله من العمل الصالح (( وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ )) كأن النبي عليه الصلاة والسلام, أعطاك للإيمان أعلى درجاته, وأدنى درجاته، وبين هاتين الدرجتين العليا والدنيا، درجات لا يعلمها إلا الله، إطعام الطعام بين هاتين الدرجتين، لما يميط الإنسان الأذى عن الطريق فهذه صدقة، هذا إيمان، مؤمن أن الله سبحانه وتعالى يحب أن تخدم عباده، مؤمن أن الله سبحانه وتعالى رب رحيم، والخلق كلهم عياله، وأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله, هذا إيمانه.

إنسان أحياناً يتكلم كلمة ينصح فيها مسلم، يشتري آلة فيقول له: انتبه إلى نوع الكهرباء التي عندك، انتبه لئلا تحرق المحرك، هذه الكلمة إيمان، هذا مسلم دفع ثمن آلة من كد يمينه، وعرق جبينه، فلو أخطأ في استعمالها, لكلفه ذلك مبلغاً كبيراً، فتوجيه النصيحة له إيمان.

إذا كانت إماطة الأذى عن الطريق إيمان، إيمان بأن الله يثيبك على هذا العمل، إيمان بأن الله يحب عباده جميعاً، إيمان بأنك إذا خدمت عباد الله أحبك الله، إيمان بأن هذا العمل لا يضيع.

(( عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا أَكْرَمَ شَابٌّ شَيْخًا لِسِنِّهِ, إِلَّا قَيَّضَ اللَّهُ لَهُ مَنْ يُكْرِمُهُ عِنْدَ سِنِّهِ ))

[ أخرجه الترمذي عن أنس بن مالك في سننه ]

فدخل في هذا الأذى عن الطريق؛ كحجر في الطريق أزحته برجلك، وما كلفك شيئًا، إذا كان هذا إيمانًا, فبرُّ الوالدين درجة أعلى، إنصاف الزوجة، أن تُعْنَى بأولادك، أن تؤدي حق جارك، أن تطعم الطعام، أن تفشي السلام، هذا كله إيمان، فأي عمل صالح يعبِّر عن إيمانك بالله عز وجل، أن ترد غوث الملهوف، أن ترشد الضال إلى ضالته، أن تقود الأعمى، أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي.

من حياتنا الاجتماعية؛ أن تعين أخاً لك على شراء بعض حاجاته، الوقت ثمين، أنت عندك خبرة بغرف النوم، أخوك المؤمن مقدم على زواج، فنزلت معه إلى السوق، وأمضيت في السوق ساعتين، هذا إيمان قطعاً، أن تدرّس أخاك الضعيف في مادة معينة، أنت قوي في الرياضيات، لك أخ مؤمن ضعيف في الرياضيات، جلست معه تدرسه, هذا إيمان.

هذا الحديث أعطانا أعلى درجة في الإيمان، وأعطانا أدنى درجة في الإيمان، وبين أعلى درجة، وأدنى درجة، درجات لا يعلمها إلا الله، أي عمل صالح إيمان، أي معروف إيمان، أن تلقى أخاك بوجه طلق إيمان، أحياناً تكون في مركبة عامة، وأنت جالس، وقد خرجت من عملك منهك القوى، وما صدقت أن وجدت مكاناً فارغاً في هذه المركبة العامة، وجلست خائر القوى، فإذا امرأة مسلمة محجبة, تقف وابنها على يدها، ماذا تفعل أنت؟ أن تقوم من هذا المجلس الذي كان أحد أحلامك، وتقعد هذه المرأة مكانك, هذا إيمان.

هناك أناسٌ، والله أنا شاكر لهم، ولكن من أنا حتى أشكرهم؟ أناس يخدمون في هذا المسجد؛ ينظفون، ينقلون، يهيِّئون لدرس الجمعة، ودرس الأحد، ودرس السبت، هؤلاء يعملون لله عز وجل، هذا إيمان، هذا بيت الله، ومَن أنا حتى أشكرهم؟ الله يشكرهم، ألم يقل سيدنا عمر رضي الله عنه، حينما جاءه رسول من إحدى المعارك, قال:

يا أمير المؤمنين, مات خلق كثير، قال: مَن هم؟ قال: أنت لا تعرفهم، قال: وما ضرهم أني لا أعرفهم, إذا كان الله يعرفهم؟.

ولو أني لا أعرفهم, فالله يعرفهم، أحياناً في التعامل التجاري؛ تبيع أخاك، يأتيك أخ يريد أن يفتح محلا جديدًا، تنصحه بالبضاعة التي يمكن أن يربح منها، تعطيه ثمنًا يتناسب مع إمكانياته المحدودة، هذا الحسم، وهذه النصيحة في شراء البضاعة إيمان.

أحياناً يأتيك أخ يقول لك: أنوي أن أعمل بهذه المصلحة، أنت تعلم أنها مصلحة رائجة جداً، من ضعف الإيمان تقول: وماذا ترجو منها؟ ليس في هذه المصلحة شيء، ليس فيها رمق، وتكون هي بالعكس، إذا نصحته على أن يعمل بها، ودللته على أسرارها, فهذا إيمان.

أحياناً: يبعث لك صديق ابنَه, لتعلمه الميكانيك، تكلفه بأعمال لا علاقة لها بالميكانيك، وعند العمل الدقيق, تبعده عن المحل، هذا عدم إيمان، لماذا بعث لك بابنه؟ لماذا أعفاك من الأجرة؟ من أجل أن تستخدمه في كنس الأرض؟ يجب أن تعلمه هذه الحرفة، وهذه الصنعة, هذا إيمان، فالإيمان يدخل بالبيع, والشراء, والعلاقات الاجتماعية, والزوجية، لذلك الحديث:


  فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ, وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ, وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ.


أيها الإخوة؛ بينهما عدد لا يعد ولا يحصى من مراتب الإيمان، أن تدعو إلى الله, هذا إيمان، أن تأمر بالمعروف, هذا إيمان، أن تنهى عن المنكر, هذا إيمان، أن تصل الرحم, هذا إيمان، أن تبيع بسعر معتدل رحمة بالمسلمين, هذا إيمان، أن تنصح المسلمين في بيعك وشرائك, هذا إيمان، إذا كان إماطة الأذى عن الطريق إيمان، فهناك أعمال أعلى منها بكثير, أن تكون صادقاً هذا إيمان.

قال لي أخ يبيع قطع تبديل: طلب مني رجل قطعة، فصعدت على السلم إلى مكان القطعة، وأنا على السلم قال لي: هذه القطعة أصلية؟ قلت له: لا، فقال لي: أعطن إياها, كلمة: لا، إيمان، إظهار العيب في الشيء الذي تبيعه إيمان.

لذلك هذا الحديث أعطاك حدّين؛ أعلى درجة في الإيمان، وأدنى درجة في الإيمان، وكأنه يقول لك: وهناك أعداد كبيرة جداً من الأعمال الصالحة، كلها تنضوي فيما بين هاتين الدرجتين، كأن تجمع الناس، وتتلو سيرة النبي عليه الصلاة والسلام، وتتحدث عن شمائله، وعن أخلاقه، وعن فضائله، وعن دعوته، وعن شجاعته، وعن كرمه، وعن حلمه، وعن رحمته, أليس هذا إيمان؟ أليس هذا العمل أعظم من أن تميط الأذى عن الطريق؟ أن تُعَرِّف الناس برسول الله إيمان. 

 

 الشطر الأخير من الحديث: وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ.


ويقول عليه الصلاة والسلام في تتمة هذا الحديث: (( وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ )) يعني الحياء والإيمان قُرِنا جميعاً، فإذا ذهب الحياء ذهب الإيمان، إذا ذهب أحدهما ذهب الآخر، إذا لم تستحِ فاصنع ما تشاء، هذا الذي اغتسل عرياناً، أعطاه النبي الأجرة وصرفه، قال: (( إني أراك لا تستحي من الله )) الحياء إيمان، هذا الذي يتكلم بكلام بذيء, ليس مؤمناً، هذا الذي يلقي على الناس مزاحاً رخيصاً جنسياً, ليس مسلماً، هذا الذي يغش بكلامه بأمور متعلقة بالعورات, ليس مسلماً، هذا الذي يطرب لقصة فاضحة, ليس مسلماً، لأنه لا يستحي، لأن الحياء شعبة من الإيمان، هذا لا يبالي, فلا يغار على عرضه, ليس مسلماً، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

(( ثَلَاثَةٌ قَدْ حَرَّمَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَيْهِمْ الْجَنَّةَ: مُدْمِنُ الْخَمْرِ, وَالْعَاقُّ, وَالدَّيُّوثُ الَّذِي يُقِرُّ فِي أَهْلِهِ الْخُبْثَ ))

[ أخرجه أحمد عن عبد الله بن عمر في مسنده ]

(( وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ )) ومن علامات قيام الساعة: أن ترتفع النخوة من رؤوس الرجال، وأن يذهب الحياء من وجوه النساء، امرأة تنظر إلى الرجل، وكأنها رجل، وهذا الرجل امرأة، تحد النظر إليه لا تستحي، لكن أجمل ما في المرأة حياؤها، والدليل:

﴿ فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (25)﴾

[ سورة القصص ]

فالعلماء يفرقون بين الأنوثة وبين الجمال، أجمل ما في المرأة أنوثتها، وسر أنوثتها في حيائها، فإذا رفعت صوتها، وقست في كلامها، وكان لها تعليقات لاذعة، ذهب معظم جمالها، جمالها في رقَّتها، جمالها في صوتها الخافض، جمالها في عبارتها الرقيقة لا في عباراتها القاسية، بعضهم قال: تظل المرأة من الجنس اللطيف حتى تتزوَّج، هكذا قال بعضهم. 

(( الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً, فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ, وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ, وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ ))

[ سيدنا عثمان كان حيياً قال النبي الكريم:  ]

(( أَلَا أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ  ))

[ أخرجه مسلم ]

النبي عليه الصلاة والسلام, جاءته امرأة تسأله عن قضية نسائية، شرحها لها، يبدو أنها لم تفهم مرادها، سألته ثانية بإلحاح، فاستحيا أن يفصِّل في هذا الموضوع.

(( فعَنْ عَائِشَةَ, أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ غُسْلِهَا مِنْ الْمَحِيضِ, فَأَمَرَهَا كَيْفَ تَغْتَسِلُ, قَالَ: خُذِي فِرْصَةً مِنْ مَسْكٍ, فَتَطَهَّرِي بِهَا, قَالَتْ: كَيْفَ أَتَطَهَّرُ؟ قَالَ: تَطَهَّرِي بِهَا, قَالَتْ: كَيْفَ؟ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! تَطَهَّرِي, فَاجْتَبَذْتُهَا إِلَيَّ, فَقُلْتُ: تَتَبَّعِي بِهَا أَثَرَ الدَّمِ ))

[ أخرجهما البخاري ومسلم ]

يكفي هذا التفصيل، فالنبي كان أشد حياء من العذراء في خدرها، هذا الذي يتكلم كلمات وقحة، يمزح مزاحاً لا يليق بالمسلم، هذا الذي ينظر إلى عورات الناس، هذا الذي ينظر إلى باب مفتوح, لينظر إلى امرأة داخل البيت، هذا الذي ينظر إلى شرفة جاره مَن على الشرفة، هذا الذي يقتحم بنظره بيوت الناس لا يستحي، والذي لا يستحي ليس مؤمناً, كما قال النبي عليه الصلاة والسلام، لذلك جاءت آيات غض النظر بعد آيات الاستئذان، بعد أن علمنا الله سبحانه وتعالى كيف نستأذن، أمرنا أن نغض البصر.

(( الإيمان بعضه وسبعون أو بضع وستون شعبة، فأفضلها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان ))

فلو حذرت الناس من خطر معين، لو شاهدت إنسانًا يحمل دواء، ونبهته إلى أخطار استعماله، هذا إيمان، لو نبَّهت إنسانًا إلى طريقة استعمال جهاز, فهذا إيمان، فالموضوع واسع جداً.

ومن صفات المؤمن: الحياء، وإذا لم تستحِ فاصنع ما تشاء، ومن سمات آخر الزمان: أنه يرتفع الحياء، فيصبح المعروف منكراً، والمنكر معروفاً.

(( فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا كَانَ أُمَرَاؤُكُمْ خِيَارَكُمْ, وَأَغْنِيَاؤُكُمْ سُمَحَاءَكُمْ, وَأُمُورُكُمْ شُورَى بَيْنَكُمْ, فَظَهْرُ الْأَرْضِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ بَطْنِهَا, وَإِذَا كَانَ أُمَرَاؤُكُمْ شِرَارَكُمْ, وَأَغْنِيَاؤُكُمْ بُخَلَاءَكُمْ, وَأُمُورُكُمْ إِلَى نِسَائِكُمْ, فَبَطْنُ الْأَرْضِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ ظَهْرِهَا ))

[ حديث ضعيف رواه الترمذي في سننه  ]

فهذه الأحاديث قصيرة، إذا حفظها الإنسان، وجلس بمجلس، وجلس مع صديق، مع أخ، مع قريب، مع جار، مع زميل، كان بسفر، كان بلقاء، كان بدعوة، كان بغداء، وبدلا من الكلام في الدنيا, الذي يضيق له القلب، تكلم في هذه الموضوعات فأفاد.

(( عن أبو الدرداء رضي الله عنه : قَالَ خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا حَدِيثاً فَبَلَّغَهُ كَمَا سَمِعَهُ فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ ))

[ أخرجه الدارمي ]

فأنت لا بد أن تتجاوز مرحلة السماع، مرحلة الاستهلاك إلى مرحلة العطاء، هذه الأحاديث اكتبها، راجعها في كتابها، طبعاً أنت حينما ترجعها في كتابها, تذكر شرحها، اشرحها للناس، اشرحها لأهلك.

 

 صور من مواقف عثمان بن عفان.


والآن إلى قصة سيدنا عثمان بن عفان، النبي عليه الصلاة والسلام زوَّج سيدنا عثمان بن عفان ابنته رُقَيَّة، ولما توفاها الله, زوّجه ابنته أم كلثوم، ولما انتقلت إلى الرفيق الأعلى، أول بنت ماتت بحياته، وثاني بنت ماتت ، لو زوج أحدنا ابنته لإنسان، وماتت، وزوّجه الثانية وماتت، تجده يقول: هذا قدمه قدم نحس ، زوج الأولى والثانية، انظر إلى الأخلاق النبوية الطاهر, فقال عليه الصلاة والسلام:

لو أن لنا ثالثة يا عثمان لزوجناكها

لو عندي بنت ثالثة لزوجتك إياها، انظر إلى كلام العوام وكلام الأنبياء، هذا الحديث يروى بصيغة أخرى, يقول عليه الصلاة والسلام:

يا عثمان، لو أن لي أربعين بنتاً, لزوجتكهن واحدة بعد واحدة

يعني: لو كان الصهر أخلاقه عالية، فلا يتغافل عن أخلاقه العالية، يشعره أنه أنا مقدر أخلاقك، مقدر استقامتك، مقدر عطفك على ابنته، مقدر احترامك لها، مقدر خدمتك لها، هناك أشخاص مهما بذل الصهر من أعمال طيبة, يبقى في برجه العاجي مستعليًا، لماذا هذا الاستعلاء؟ فإذا كان لك صهر أخلاقه عالية لمَ لا تمدحه؟ كي تشعره أنه يعمل عملاً طيباً, سيدنا رسول الله هكذا فعل مع صهره عثمان، قال: (( يا عثمان, لو أن لي أربعين بنتاً, لزوجتكهن واحدة بعد واحدة )) والرواية الثانية: (( لو أن لنا بنتاً ثالثة لزوجناك إياها )) دخل رفيقك إلى المحل، والبيع قليل، فتقول: أخي أنت قدمك نحس، هذا كلام كله فارغ.

زاره الطبيب فمات، هذا الموت بيد الله عز وجل، وليس للطبيب علاقة بموته, صدق القائل:

إن الطبيب له علم يدل بـه          إن كان للنـاس في الآجـال تأخير

حتـى إذا ما انقـضت أيام رحلته       حار الطبيب و خانته العقاقير

هذا اليوم أربعاء، وصبوا له ماء، وهذا قدمه شؤم، هذا كله فارغ، النبي عليه الصلاة والسلام, أول بنت زوجه إياها ماتت، والثانية ماتت، قال له: (( يا عثمان, لو أنا لنا ثالثة لزوجناكها )) وفي رواية ثانية: (( يا عثمان, لو أن لي أربعين بنتاً, لزوجتكهن واحدة بعد واحدة )) معنى ذلك: أن سيدنا رسول الله ممتن من سيدنا عثمان، لأنه عامل ابنته أرقى معاملة.

أيها الإخوة؛ لما استعرض سيدنا رسول الله الأسرى يوم بدر، لقي بينهم صهره أبا العاص، تصور إنسانًا يقع أسيراً، لماذا وقع أسيراً؟ لأنه جاء ليحارب، وما معنى جاء ليحارب؟ أي جاء ليقتل، هذا الذي جاء ليحارب, جاء ليقتل، لم يوفق، فوقع أسيراً، النبي عليه الصلاة والسلام, ما غاب عنه أنه صهرٌ جيد، فقال كلمة جعلته يذوب محبة له, قال: ((والله ما ذممناه صهراً )) أمّا كصهر فهو جيد، أما الآن فهو مقاتل، والله ما ذممناه صهراً، انظر الموضوعية، الحكم العادل، الإنصاف، الإنسان العادي إن رأى شيئاً يكرهه, جعل هذا الشخص كله سيئات، وإن رأى شيئاً يحبه, تغاضى عن سيئاته.

(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أُرَاهُ رَفَعَهُ, قَالَ: أَحْبِبْ حَبِيبَكَ هَوْنًا مَا, عَسَى أَنْ يَكُونَ بَغِيضَكَ يَوْمًا مَا، وَأَبْغِضْ بَغِيضَكَ هَوْنًا مَا, عَسَى أَنْ يَكُونَ حَبِيبَكَ يَوْمًا مَا ))

[ أخرجه الترمذي في سننه ]

النبي عليه الصلاة والسلام لأنه رحيم، ولأنه حيي، كان يقدر في هذا الصحابي الجليل رحمته وحياءه، لذلك: 

(( عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لِكُلِّ نَبِيٍّ رَفِيقٌ, وَرَفِيقِي –يعني- فِي الْجَنَّةِ عُثْمَانُ))

[ أخرجه الترمذي في سننه ]

يعني: كن حيياً، وكن سموحاً، وكن رحيماً، فأنت رفيق رسول الله في الجنة.


  عبادته:


أيها الإخوة؛ لشدة شغفه بالعبادة، وبالإقبال على الله عز وجل، وبالقنوت له، وبصلاة التهجُّد، وبقيام الليل، كان معاصروه يقولون: كان عثمان يصوم الدهر، ويقوم الليل إلا هجعةً من أوله، الحقيقة: لما يكون الإنسان في بحبوحة، ويترك النوم على فرشٍ وثيرة, على أن يقوم الليل، وحينما يكون في بحبوحة، ويؤثر مجلس العلم على مجلس سمر، فهذا يضاعف الله له أجره، لا يكون للإنسان أحياناً شيء، ولكن ثمة إنسان عنده كل شيء، ومع ذلك آثر كل الأشياء، آثر رضاء الله عز وجل على كل المغريات, وكل المباهج. 

يبدو أن هذا الصحابي الجليل, كان كذلك حتى في الجاهلية، فقال مرة عن نفسه: والله ما زنيت، ولا سرقت, لا في جاهلية, ولا في إسلام، وكما جاء في الحديث: 

(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ, عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: تَجِدُونَ النَّاسَ مَعَادِنَ, خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ إِذَا فَقِهُوا, وَتَجِدُونَ خَيْرَ النَّاسِ فِي هَذَا الشَّأْنِ أَشَدَّهُمْ لَهُ كَرَاهِيَةً, وَتَجِدُونَ شَرَّ النَّاسِ ذَا الْوَجْهَيْنِ, الَّذِي يَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ, وَيَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ ))

[ أخرجه البخاري ومسلم ]

لا في جاهليةٍ, ولا في إسلام، لا في الإسلام بديهية، ولكن لا في الجاهلية.

 

هذا عثمان بن عفان في السوق.


سيدنا عثمان فيه رحمة، الرحمة أحياناً تتمثل بأن تبدي رحمتك للمسلمين، الآن أحياناً إذا ارتفع السعر يفرح التاجر، إذا ارتفع السعر يهلك الناس، يعبرون على أن السعر تبهدل، إذا رخص تبهدل، أنت افرح أن السعر يرخص، والمسلمون يأكلون من هذه الفواكه حتى يشبعوا, ولو كان الربح قليلاً، هكذا يفعل الرحيم.

فسيدنا عثمان لا يكاد يبصر التُجَّار, يهمون باحتكار الأرزاق، أو بيعها بثمن باهظ، حتى يرسل قوافله, لتعود محملة بما يفسد عليهم احتكارهم، ويصيب استغلالهم بخيبة أمل قاتلة ، كان يحب المسلمين جميعاً، يحب الناس جميعاً، كلما همّ تاجر أن يحتكر بضاعة أو سلعة أو رزقاً أساسياً، كان يشتري منه بكميات كبيرة، ويعرضه بالسوق بسعر رخيص، لكي يكسر احتكارها، هكذا كان يفعل.

(( عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أنَّ عمر رضي الله عنه قال : الجالِبُ مَرزوقٌ ، والمُحْتَكِرُ مَحْرُومٌ ، ومن احْتَكَرَ على المسلمين طَعَاماً ضربه الله بالإفلاس ، والجُذام ))

[ الحديث موقوف رواه رزين ]

المحتكر خاطئ، الجالب مرزوق، والمحتكر ملعون، المحتكر هو الذي يحبس أرزاق العباد, كي يغلو سعرها، فيربح أرباحاً طائلة، فسيدنا عثمان كان يبغض الاحتكار، فكلما هم أناس باحتكار طعام، اشتراه بكميات كبيرة، وطرحه في السوق, كي ينخفض السعر، فيسعد الناس بشراء هذه الأرزاق، فلا يفرح الإنسان إذا كان هو بمنجاة، والناس في ضيق، إذا فرح كان قلبه قاسيًا، يجب أن تفرح إذا أكل الناس كلهم، إذا أكل الناس أطايب الطعام، وسكنوا في بيوت، وارتدوا أجمل الثياب، وكانوا في بحبوحة، يجب أن تفرح عندئذٍ، أما أن تفرح إذا كنت في منجاة من ضيق الناس, فإنه يصدق عليك قوله عليه الصلاة والسلام:

(( والله ما آمن، والله ما آمن، والله ما آمن، من بات شبعان, وجاره إلى جانبه جائع, وهو يعلم ))

[ رواه الطبراني في الكبير عن أنس بن مالك رضي الله عنه ]

 

من روائعه :


جاءت مرة رواحله من اليمن من الشام محملة بخيرات حسان، قافلة من أربعين إلى خمسين جملا محملا بما يحتاجه أهل مكة، وتواكب حوله تجار المدينة وما حولها، دخلوا معه في مساومات شيقة، وما أجمل أن نطالع الآن إحداها، يرويها لنا ابن عباس رضي الله عنه إذ يقول:

قحط الناس في زمان أبي بكر، فقال الخليفة لهم: إن شاء الله لا تمسون غداً حتى يأتيكم فرج الله، فلما كان صباح الغد، قدمت قافلةٌ لعثمان، فغدا عليهم التجار، فخرج إليهم وعليه ملاءة, قد خالف بين طرفيها على عاتقه, وسألوه أن يبيعهم قوافله، فسألهم: كم تربحونني؟.

قالوا: العشرة باثني عشر، -يعني عشرين بالمئة- .

فقال: قد زادني، -هناك مَن دفع لي أكثر- .

قالوا: فالعشرة خمسة عشر، بالمئة خمسون .

قال: قد زادني، -دُفع أكثر- .

عندئذٍ ضجروا وقالوا: مَن الذي زادك، ونحن هنا التجار، ولا أحد غيرنا؟!!.

فقال هذا الخليفة الراشد رضي الله عنه: إنه الله، زادني بكل درهم عشراً، أنتم أعطيتموني بالمئة خمسين، أنا أخذت بالمئة ألفًا, فهل لديكم مزيد؟ ادفعوا أكثر, أعطكم إياها، فانصرف التجار عنه، وهو ينادي: اللهم إني وهبتها لفقراء المدينة بلا ثمن، وبلا حساب، كل هذه القوافل.

 

ما قيل عنه :


شرحبيل بن مسلم يحدثنا, ويقول: كان عثمان يطعم الناس طعام الإمارة، ويأكل هو الخل والزيت.

 سيدنا عمر رضي الله عنه, جاءه رسول من أذربيجان فخيره، قال له: أتأكل عندي أم مع فقراء المسلمين؟ قال: بل عندك, فلما دخل إلى بيته قال: يا أم كلثوم, ماذا عندك من طعام اليوم؟ قالت: والله ليس عندنا إلا خبز وملح, فقال: هاته لنا.

فحينما عرف هذا الرسول, أن طعام الفقراء هو اللحم، ندم أشد الندم. وقال عبد الله بن شداد:

رأيت عثمان يخطب يوم الجمعة، وعليه ثوب, قيمته أربعة دراهم، أو خمسة دراهم، وإنه يومئذٍ لأمير المؤمنين.

مرة غضب على خادم له، فعرك أذنه حتى أوجعها، ثم سرعان ما يقض ضميره العابد مضجعه، فيدعو خادمه، ويأمره أن يقتص منه فيعرك أذنه، ويأبى الخادم, ويولي مدبراً، لكن عثمان يأمره في حزم فيطيع، وحينما يعرك هذا الخادم أذنه، فيقول له: اشدد يا غلام, فإن قصاص الدنيا أرحم من قصاص الآخرة.

سيدنا عبد الله بن عمر رضي الله عنه, كان يقرأ الآية الكريمة, وهي قوله تعالى: ( أَمنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ) يقول عبد الله بن عمر: (( ذاك هو عثمان بن عفان )) هذه الآية تنطبق على عثمان بن عفان ، يا ترى أحدنا, هل في القرآن آية تنطبق عليه, يفرح فيها؟ قال تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا ) مستقيم استقامة تامة، حتى إذا قلت: هذه الآية إن شاء الله تنطبق علي، هل هناك آية تنطبق على المؤمن؟ قال تعالى: ( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ) فهل الآية تنطبق علينا؟ قال تعالى: ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً ) .

سيدنا عثمان كان شيخاً كبيراً, بلغ الثمانين، وفي هذه السن المتقدمة, يرفض أن يوقظ أحداً, كي يعد له وضوءه، يستيقظ وحده، ويخدم نفسه بنفسه، ويتحامل على شيخوخته المجهدة, في إحضار الماء، وإسباغ الوضوء.

يرفض النجاة من سيوف قاتليه، إذا كان ثمن هذه النجاة قطرة دم, تسفك من مسلم بريء، يدخل عليه زيد بن ثابت، وقد رأى الثوار يتنادون لحصار داره، فيقول له:

يا أمير المؤمنين, هؤلاء الأنصار بالباب، يقولون: إن شئت كنا أنصاراً لله مرتين, فيجيبه الخليفة الرحيم: أما القتال فلا .

يصيح في صحابة, تجمعوا حول داره, ليواجهوا الثوار بالسلاح, يقول: إن أعظمكم عني غناءً رجل كف يده وسلاحه .

يعلم أن عصبة كبيرة من شباب المسلمين، وعلى رأسهم الحسن والحسين، وابن عمر ، وعبد الله بن الزبير، قد أخذوا مكانهم لحراسته، وشهروا سلاحهم، يتفطر قلبه أسىً، ويدعوهم ويتوسل إليهم قائلاً: أناشدكم الله, وأسألكم به, ألا يراق بسببي محجن دم.

رحمته بالمسلمين, كانت لدرجة أنه ضحى بحياته, لئلا تهرق قطرة دم من مسلم بريء.

 سيدنا علي رضي الله عنه يقول عنه: أوصلنا للرحم عثمان.

 

من خطبه ومواعظه:


مرة خطب سيدنا عثمان في أصحابه الكرام, فقال أيها الناس: 

اتقوا الله، فإن تقوى الله غُنم, وإن أكيس الناس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، واكتسب من نور الله نوراً لقبره، وليخشَ عبد أن يحشره الله أعمى, وقد كان بصيراً: ( قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى ) وفي خطبة أخرى, يقول هذا الخليفة العظيم: إن الله أعطاكم الدنيا, لتطلبوا بها الآخرة، ولم يعطكم الدنيا, لتركنوا إليها.

لشدة خوفه من الله عز وجل كان يقول: لو أني بين الجنة والنار، ولا أدري إلى أيتهما يُأْمر بي, لتمنيت أن أصير رماداً, قبل أن أعلم إلى أيهما المصير.

فسيدنا عمر لما يقول: ليت أم عمر لم تلد عمر، ليتها كانت عقيما.

لما يقول: أتمنى أن أكون لا لي ولا علي، هذا الخليفة الراشد لشدة خوفه من الله.

يا أخوان؛ الخوف دليل العلم، والإنسان كلما قل خوفه, يكون علمه قليلا، يكون جاهلا ، من الذي يخاف كثيراً؟ هو العالم كثيراً، كلما قلّ العلم قلّ الخوف، لذلك: رأس الحكمة مخافة الله، أشدكم لله خشية أنا، هكذا قال عليه الصلاة والسلام.

 

سبب عدم مشاركته في غزوة بدر.


لم يشهد غزوة بدر، والسبب: لأن زوجته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم, كانت مريضة مرض الموت، وأمره النبي أن يبقى بجوارها ليسهر عليها، الإنسان كم هو عند الله عظيم؟ ربما كان فضل تمريضه لزوجته يعدل الجهاد في سبيل الله، لقد امتثل وأطاع، وفي اليوم الذي جاءت البشرى إلى المدينة بانتصار المسلمين في بدر، فاضت روح رقية إلى بارئها, وعندما كان النبي عليه الصلاة والسلام يوزِّع غنائم النصر عل المقاتلين، اعتبر عثمان حاضراً ومقاتلاً، وفرض له قِسْمَهُ ونصيبه.

أحياناً: هناك أعمال صالحة تعدل الجهاد في سبيل الله، أتمنى على كل أخ, يبلغ زوجته, أن النبي عليه السلام يقول:

اعلمي أيتها المرأة، وأعلمي من دونك من النساء, أن حسن تبعل المرأة زوجها, يعدل الجهاد في سبيل الله

فهذه المرأة التي تظن أن عمل البيت عمل تافه، ليس تافهاً والله، إن حسن تبعل المرأة زوجها, يعدل الجهاد في سبيل الله.

  

سر هذه البيعة:


النبي عليه الصلاة والسلام, يرسل عثمان بن عفان رضي الله عنه إلى قريش عام الحديبية، وسيدنا عثمان تحمل مخاطرة كبيرة، والدليل: أن النبي عليه الصلاة والسلام, أرسل خراشة بن أمية الخزاعي، وانتدبه لهذه المهمة ليفاوض قريشاً، بيد أن قريشاً لم تكد تراه، وتسمع كلماته حتى عقرت بعيره الذي كان يركبه، وهموا به ليقتلوه، لولا أن منعته الأحابيش ، وأنقذته من الموت، إذاً: أن تذهب إلى قريش رئيس وفدٍ, فهذا يعني: الموت، النبي عليه الصلاة والسلام, انتدب عثمان بن عفان, ليذهب إلى قريش في عام الحديبية, ليفاوضها.

أيها الإخوة؛ وسط هذه المخاطر المنذرة المرعدة، حمل عثمان أمر النبي عليه الصلاة والسلام، ومضى إلى قريش, لا يعنيه أن يرجع حياً، أو يقضي هناك شهيداً، وعلى أبواب مكة, واجه الجموع المتحفِّزة من قريش، فبلَّغهم رسالة النبي عليه الصلاة والسلام، فكان جوابهم له رقيقاً جداً، فقالوا:

إن شئت أنت تطوف بالبيت فطف, أما محمد وأصحابه فلا, ويجيبهم عثمان: ما كنت لأفعل حتى يطوف النبي عليه الصلاة والسلام، مَن أنا حتى أطوف وحدي؟ ما كنت لأفعل، لا أفعل هذا إطلاقاً, إن لم يطف النبي, فلن أطوف.

قريش بسياسة منها, أوعزت أن تحجز حرية هذا الخليفة العظيم، رئيس الوفد، فرضت عليه إقامة جبرية، تريد أن تعرف ما سيفعل المسلمون، فهل سيقولون: تورط، الله يصلحه، أم يهبون دفعة واحدة؟.

حجزت هذا الخليفة العظيم عندها، وقد كان رئيس الوفد، وأرسلت بعض عساكرها إلى معسكر المسلمين, ليشيعوا بين الناس, أن قريشاً قتلت عثمان بن عفان، هي احتجزته احتجازا ، وأوهمت المسلمين أنها قد قتله، هناك ظهر الوفاء، وظهرت المحبة، وظهرت الشجاعة، وظهر الإخاء، النبي عليه الصلاة والسلام, أراد أن يري المشركين تصميمه ومقدرته, حيث يزجرهم عن طغيانهم وما يعمهون، فدعا أصحابه إلى البيعة تحت الشجرة، بين مكة وجدة مكان اسمه: الشجرة، فيه مسجد، في هذا المكان تمت البيعة بين النبي عليه الصلاة والسلام وبين أصحابه، وهذه البيعة, هي بيعة الرضوان التي خلدها القرآن في تنزيله, وآياته المباركات، فقال: ( إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ) وفي آية أخرى: ( لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً ) النبي عليه الصلاة والسلام, يعلم بطريقةٍ أو بأخرى, أن عثمان لم يقتل، ولم يصبه شيء، فبايع نفسه باسم عثمان، إذ لم يكد النبي عليه الصلاة والسلام, يفرغ من مبايعة أصحابه مصافحة واحداً واحداً، أمسك يداً بيد, وقال: هذه عن عثمان، وقال: هذه بيعة عثمان، قال: فلم يبق أحد من المسلمين إلا تمنى, لو أنه صاحب هذه الحظوة, وهذا التكريم.

عاد عثمان سليماً معافى، وأرسلت قريش سفيراً جديداً هو سهيل بن عمرو، الذي أبرم مع النبي عليه الصلاة والسلام معاهدةً, عرفت في التاريخ بصلح الحديبية.

مر معنا مع سيدنا عمر, لما استنكر بعض الشروط, قال: ابن الخطاب, إنني رسول الله.

 

الرسول عليه الصلاة والسلام بشره بالجنة.


آخر شيء في هذا الفصل عن سيدنا عثمان: النبي عليه الصلاة والسلام بشره بالجنة، واصطفاه، وجعله كاتباً للوحي، وبشره بالشهادة، هكذا تروي بعض الأخبار، النبي كان على جبل أحد، ومعه أبو بكر وعمر وعثمان، فارتجف المكان الذي يقفون فوقه.

(( فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, صَعِدَ أُحُدًا, وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ فَرَجَفَ بِهِمْ, فَقَالَ: اثْبُتْ أُحُدُ, فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ, وَصِدِّيقٌ, وَشَهِيدَانِ. ))

[ أخرجه البخاري ]

هذه بشارة، جعله كاتباً للوحي، وبشره بالجنة.

أيها الإخوة, وفي درس قادم إن شاء الله تعالى, نتابع فصول هذه السيرة العطرة, لهذا الخليفة العظيم، سيدنا عثمان بن عفان.

[ و الحمد لله رب العالمين ]

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور