وضع داكن
01-12-2024
Logo
رياض الصالحين - الدرس : 063 - حقّ الزوج على زوجته
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم, اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
 

نظام القيادة في الحياة:


أيها الإخوة الكرام؛ بابٌ جديد من أبواب رياض الصالحين, من كلام سيد المرسلين عليه أتم الصلاة والتسليم، اسمه: باب حقّ الزوج على المرأة.
قال الله تعالى:

﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34)﴾

[ سورة النساء ]

أيها الإخوة الكرام؛ نظام القيادة في الحياة أن لكل مؤسسة قائداً واحداً، مستشفى لها مدير، ثانوية لها مدير، وزارة لها وزير. 
أية مؤسسة، أي تجمع, لابدّ له من قائد يملك القرار، وهذه الأسرة خلية من خلايا المجتمع، مؤسسة من مؤسسات المجتمع، لابدّ لها من واحد يعطي الأمر، طبعاً هذا الواحد يجب أن يكون أعقلها، وأكملها، وأوسعها أفقاً، وألينها عريكة، وأطيبها نفساً، فربنا عز وجل جعل من الرجل الذي ميزه الله بأشياء كثيرة, تؤهله ليكون قائداً لهذا البيت، فقال: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ﴾ لكن النقطة الدقيقة جداً هي أن هذه القِوامة درجة واحدة لقوله تعالى:

﴿ وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (228)﴾

[ سورة البقرة ]

 ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ﴾ تريدها متزينة أمامك ينبغي أن تتزين لها، تريدها أن تحترم أمك وأباك ينبغي أن تحترم أمها وأباها، تريدها أن تكون وفية لك كن وفياً لها، تريدها أن تكون صابرة كُلْ مما تأكل، لا تأكل أنت في المطاعم وتدع لها أخشن الطعام.
﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ﴾ حينما تكون مؤمناً، حينما تطبق شرع الله عز وجل، أو حينما تزكو نفسك، حينما تتصل بربك، حينما ترقى، لا تسمح لنفسك أن تعاملها معاملة دونك، تطعمها مما تأكل، تُلبسها مما تلبس، تحترم أمها وأباها, كما أنت تريد منها أن تحترم أمك وأباك، تدلها على الله، كما أنك سعيد بمعرفة الله، تسمح لها بطلب العلم، كما أن العلم زكاك ورفعك تسمح لها أن تطلب العلم، ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ لها ما لك، وعليها ما عليك، هي مساوية لك في التشريف, والتكليف, والمسؤولية، مساوية لك في أنّ لها عند الله مكانة لا تقلّ عنك أبداً، والدليل: 

﴿ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35)﴾

[ سورة الأحزاب ]

﴿ فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (195)﴾

[ سورة آل عمران ]

سواء بسواء:

﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)﴾

[ سورة النحل ]

﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ .

﴿ أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى (6)﴾

[ سورة الطلاق ]

 تأمرها وتأمرك، تنصحها وتنصحك، تدلها وتدلك، ترقى بها وترقى بك، أرأيت إلى هذه المساواة؟
لكن لحكمة بالغة بالغةٍ أرادها الله عز وجل لابدّ لهذا البيت من قائد، فأعطاك مرتبة القيادة، إذا كان هناك فرقة عسكرية، فيها لواء وعميد، نمنح القيادة للواء، والعميد تحت جناحه، لكن الثاني ليس مجنداً، هو عميد، بينهما درجة واحدة، رتبة واحدة، ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ﴾ واحدة، فإذا ظننت نفسك بينك وبينها من السماء إلى الأرض فأنت جاهلي لا تعرف الحقيقة.
 

كل إنسان مكرم ومكلف ومسؤول:


إنسان مكرم، مكلف, مسؤول، محاسَب، قد يسبقك عند الله عز وجل، أول من يهز حِلق الجنة أنا، أول إنسان يدخل الجنة هو النبي عليه الصلاة والسلام، أول من يُمسك بحِلق الجنة أنا فإذا امرأة تنازعني, تريد أن تدخل الجنة قبلي، قلت: من هذه يا جبريل؟ قال: هي امرأة مات زوجها، وترك لها أولاداً فأبت الزواج من أجلهم.
والله أحياناً امرأة صالحة, مؤمنة, تقية, عفيفة، قال تعالى: 

﴿ عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا (5)﴾

[ سورة التحريم ]

واللهِ امرأة من هذا النوع، واللهِ قلامة ظفرها تساوي مليون رجل متفلت، امرأة ترعى زوجها، وأولادها، وتُحسن إليهم، تيسر لهم طريقهم، حياتهم، طعامهم، شرابهم، فلذلك ورد: "اعلمي أيتها المرأة، وأعلمي مَن دونك من النساء, أن حسن تبعل المرأة زوجها, يعدل الجهاد في سبيل الله" .
جهاد، الجهاد كما قال عليه الصلاة والسلام: 

(( عن معاذ بن جبل:  كنتُ معَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في سفر فأصبحت يومَا قريبا منه ونحن نسير فقُلْت يا رسولَ اللهِ أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار قال لقد سألتني عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله عليه: تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت، ثم قال: ألا أدلك على أبواب الخير:  الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة، كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجلُ من جوف الليل ، قال: ثم تلا: (تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم – حتى بلغ – يعملون) ثم قال: ألا أخبرك برأس الأمر كله وعموده وذروة سنامه: قُلْت: بلى يا رسولَ اللهِ قال: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد، ثم قال: ألا أخبرك بملاك ذلك كله، قُلْت: بلى يا رسولَ اللهِ، قال: فأخذ بلسانه، قال: كف عليك هذا. فقُلْت: يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ فقال: ثكلتك أمك يا مُعاذٍ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم، أو على مناخرهم ، إلا حصائد ألسنتهم. ))

[  سنن الترمذي: خلاصة حكم المحدث: حسن صحيح  ]

أعلى شيء في الإسلام أن تقدم حياتك في سبيل الله عز وجل، والمرأة التي تُحسن تبَعل زوجها وأولادها في مرتبة المجاهد يوم القيامة، علموا هذا نساءكم، علموا هذا فتياتكم، علموا هذا بناتكم: ((اعلمي أيتها المرأة، وأعلمي مَن دونك من النساء, أن حسن تبعل المرأة زوجها, يعدل الجهاد في سبيل الله)) إياك أن تستخف بها، إياك ألا تلقي لها بالاً، إياك أن تزوّر عنها، هي إنسانة كريمة، لها عند الله شأن كبير.
واللهِ هناك امرأة أنصارية، أنا أقسم بالله ولا مئة مليون رجل يرقى إلى مستواها، في معركة أحد أُشِيع أن النبي قد قُتل، فخرجت إلى ساحة المعركة، فإذا أبوها مقتول، لم تعبأ، فإذا زوجها مقتول، لم تعبأ، تقول: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فإذا ابنها مقتول، لم تعبأ، تقول: ما فعل النبي الكريم؟ فإذا أخوها مقتول، أبوها، وأخوها، وزوجها, وابنها، وتقول: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلقة عليه، فلما طمأنوها أنه على قيد الحياة, قالت: أروني أنظر إليه، فلما رأته حياً, قالت: يا رسول الله كل مصيبة بعدك جلل، هل منا واحد عنده مثل هذه المحبة لرسول الله؟
 

المرأة مكرمة عند الله:


أيها الإخوة الكرام؛ لا تزدري المرأة، لا تقل: هذه امرأة، وأنت أيضاً رجل، لا تزدري المرأة، مكرمة عند الله، الله هيأها بشكل، بجسم، بنفسية، بعقلية، بعاطفة، أنت تتكامل معها، تُكمل نقصك بها فتسكن إليها، وتُكمل نقصها بك فتسكن إليك:

﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)﴾

[ سورة الروم ]

أنا أتمنى أن يكون بيت المسلم جنة، قد يكون البيت صغيراً، والطعام خشناً، والثياب رخيصة جداً، لكن هناك ودّ بين الزوجين: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ هذه المودة والرحمة من خلق الله عز وجل ﴿وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ .
 

أحاديث في حقّ الزوج والزوجة:


لذلك أحاديث كثيرة توصي الرجال بالنساء، وأحاديث كثيرة توصي النساء بالرجال.

(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً  –أي لا يَكرهها-إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ. ))

[ صحيح مسلم ]

قال تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19)﴾

[ سورة النساء ]

قال علماء التفسير: ليست المعاشرة بالمعروف أن تمتنع عن إيقاع الأذى بها، بل أن تحتمل الأذى منها.

(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, أن رسول الله صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا, أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْتُ الزوجة أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا. ))

[ صحيح الترمذي ]

لعِظَم حقه عليها.
طبعاً السجود خضوع، لذلك المرأة دينها يسير، أربعة أرباع:

(( فعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا صَلَّتْ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا, قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ. ))

[ الطبراني في المعجم الأوسط, والإمام أحمد في مسنده: حسن ]

إذا صلت المرأة خمسها ربع، وصامت شهرها ربع ثان، وحفظت نفسها ربع ثالث، وأطاعت زوجها, دخلت جنة ربها، يمكن أن يكون دين الرجل مئة ألف بند، إذا باع بيعة بعقدين، إذا أطلق بصره، إذا حلف يميناً كاذبة، قواعد الشرع كبيرة جداً، فأنت مكلف بمنهج تفصيلي، أما هي ففي بيتها، تصوم شهرها، تصلي خمسها، تحفظ نفسها، تطيع زوجها، تدخل جنة ربها.
حديث آخر: 

(( عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ, قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّمَا امْرَأَةٍ مَاتَتْ, وَزَوْجُهَا عَنْهَا رَاضٍ دَخَلَتْ الْجَنَّةَ. ))

[ الترمذي في سننه: حسن غريب ]

هذه الأحاديث ينبغي أن تعرفها النساء، لأن رضاء زوجها عنها جزء من دينها، والله عز وجل يرضى عنها، بل إن المرأة التي تسترضي زوجها وهي مظلومة لها عند الله مكانة كبيرة جداً، رأباً للصدع، ولمّاً للشمل، وتحقيقاً للسعادة الزوجية.
 

التفقه في الدين:


المسلم بحاجة إلى أن يتفقه أمر دينه، وإلا مع الجهل تصبح بيوت المسلمين جحيماً، كلام قاس، نظرات قاسية، تفلت من منهج الله، فالله عز وجل يُغري بينهما العداوة والبغضاء، والقانون معروف:

﴿ وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (14)﴾

[ سورة المائدة ]

 كل بيت فيه تقصير.
قال أحدهم: اسمحوا لي بهذه الكلمة، قال أحدهم لصاحبه: نحن بألف خير، الحمد لله.
قال الثاني: لا والله لسنا في خير.
قال: ما هذا الكلام؟ لمَ؟ ماذا ينقصك؟
قال: لا أنام حتى أرى عشرين أو ثلاثين امرأة أجمل من زوجتي على الشاشة، ولا تنام هي حتى ترى عشرين رجلاً أو ثلاثين أجمل من زوجها، أين نحن بخير؟
ما دام هناك إطلاق بصر إلى الشاشة, معنى ذلك أن هناك امرأة أجمل بكثير، فينصرف الإنسان عن زوجته، يراها أسوأ زوجة، وتراه أسوأ زوج، انهِم البيت، حتى نعيش مع الحضارة، نتنور، نرى ما يحدث في العالم، لكن أنت خربت بيتك، هذا أكبر شيء هدم بيوت المسلمين، بسيط جداً لا يوجد شيء يتابع ما يُعرض على الشاشة، وإذا كان عنده صحن فالأمر أخطر.
 

قضية السعادة الزوجية شيء ثمين:


لذلك قضية السعادة الزوجية شيء ثمين، له ثمن باهظ، الثمن الباهظ غض البصر، وبعد غض البصر يتولى الله عز وجل التوفيق بين الزوجين، إذا بُنِي الزواج على طاعة الله, ولو افتقر إلى معظم مقومات نجاحه, تولى الله في عليائه التوفيق بين الزوجين، فإذا بني على معصية الله, ولو توافرت له كل أسباب النجاح يتولى الشيطان التفريق بينهما.
جرّب، طبق غض بصرك بحزم أسبوعاً، وامتنع عن مشاهدة أي شيء على الشاشة، وانظر كيف تُعامَل من قِبل الله عز وجل, وانظر كيف تكون زوجتك لك, وكيف يخلق الله الود بينكما, وتغدو أسعد زوج, وتغدو هي أسعد زوجة، وحينما تنظر إلى غيره، هي عندك لها خمسة أولاد، وامرأة شريفة، من عائلة راقية، ما تدربت على أساليب إغراء الرجال مثل بعض الشركات، هؤلاء كلهن مومسات, يتدربن بأساليب علمية على أساليب إغراء الشباب والرجال، زوجتك شريفة، من عائلة طاهرة ، مستقيمة، ليس عندها هذه الأساليب التي تراها أنت، فلذلك إذا كان عندك البديل انتهت زوجتك من حياتك، هذا كلام علمي، إذا أردت السعادة الزوجية فعليك بطاعة الله عز وجل:

﴿ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)﴾

[ سورة الأحزاب ]

 

ليس في الإسلام حرمان:


هناك شيء ثان؛ أنا أعتقد ولا أتمنى أن يكون الأمر كذلك مَن منكم أيقن بالحور العين؟ لا أحد، مع أنه حق:

﴿ كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (54)﴾

[ سورة الدخان ]

 إذا غضّ الإنسان بصره في الدنيا, فيما يبدو أنه حرم نفسه أن يستمتع بمفاتن النساء، وغضّ بصره، فله عند الله في الجنة من الحور العين ما تحار بها الألباب إلى أبد الآبدين.
أحد الصحابة طلبت منه زوجته حاجة، فقال لها: اعلمي يا امرأة أن في الجنة من الحور العين ما لو أطلت إحداهن على الأرض لغلب نور وجهها ضوء الشمس والقمر، فلأن أضحي بكِ من أجلهن أهون من أن أضحي بهن من أجلكِ.
ليس في الإسلام حرمان يا إخوان، ولكن هناك قناعة، الله عز وجل قسم لك هذه الزوجة، هذه هدية من الله، إذا أنت غضضت بصرك عما سواها في الطريق, وعلى الشاشة، الله عز وجل يخلق من عنده ودًّا بينكما، تراها أفضل زوجة، وتراك أفضل زوج، فإذا كان بينكما ود نشأ الصغار على صحة اجتماعية عالية جداً، قد يكون البيت قطعة من الجنة، وهو بيت متواضع.
والله دخلت بيتاً مرة, أول جادة من فوق، الأرض إسمنت ليس هناك بلاط، والله بساط رخيص جداً ولكنه نظيف، بيت متواضع، عبارة عن غرفتين, ومشرقة –بالتعبير القديم– وأثاث متواضع جداً، ولكن شعرت أن هذا البيت قطعة من الجنة، لأن فيه طاعة لله، بيت يُتلى فيه القرآن، بيت فيه صلوات، بيت فيه سلام؛ السلام عليكم، بيت فيه تسمية.

(( عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ, أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ, فَذَكَرَ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ, وَعِنْدَ طَعَامِهِ, قَالَ الشَّيْطَانُ: لَا مَبِيتَ لَكُمْ وَلَا عَشَاءَ، وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ يَذْكُرْ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ, قَالَ الشَّيْطَانُ: أَدْرَكْتُمْ الْمَبِيتَ -طوال الليل شجار بين الزوجين- وَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ اللَّهَ عِنْدَ طَعَامِهِ, قَالَ: أَدْرَكْتُمْ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ.))

[ صحيح مسلم وأبو داود ]

إذا دخلت قلت: السلام عليكم, هرب الشيطان، جلست إلى الطعام: بسم الله الرحمن الرحيم، وجدت شيئاً طيباً في البيت أثنيت على زوجتك، صليتم جماعة، قرأتم القرآن، صار البيت رحمانياً، أما إذا كان هناك مسلسلات، وهناك صحون، وكلما اتسعت الصحون على السطوح, ضاق صحون المائدة، ليس هناك عمل، البضاعة كاسدة، لأنك كبّرت الصحن على السطح فصغر صحن الطعام، كلما رخص لحم النساء غلا لحم الضأن، كلما قلّ ماء الحياء قلّ ماء السماء.
 

السعادة الزوجية أساس السعادة في الدنيا:


لذلك أيها الإخوة؛ قضية السعادة الزوجية مهمة جداً، هي أساس السعادة في الدنيا، هذا بيتك، أول خلية اجتماعية زوجتك وأولادك، إذا كان البيت متماسكاً، وهناك ودّ وهناك محبة وهناك تعاون ينعكس هذا التفاهم على الأولاد، يقال: هذا الإنسان تربيته عالية، بصراحة لو لم يكن ملتزماً كثيراً لا يؤذي أحداً، تربّى في بيت إسلامي، لو كان الابن غير ملتزم إلى حدّ ما, لكن يوجد بقلبه رحمة, يوجد بقلبه شفقة، يوجد بقلبه خوف من الله، أسعد شيء أن يكون بيتك إسلامياً، زوجتك مؤمنة، أنت مؤمن، في البيت ذِكْر لله عز وجل، ليس البيت قبراً، البيت روضة من رياض الجنة، فإذا دخل الإنسان وسلّم، وجلس, وسمّى، ورأى شيئاً جميلاً في البيت فأثنى على زوجته، وربّى أولاده، وحفظهم كتاب الله، وجلس معهم.
دخلت مرة بيتاً, يريد أحد الإخوة أن يشتريه، فطلب مني أن أراه، فقبلت ذلك، قلت له: على عيني، دخلنا الغرفة، وكان الرائي (التلفاز) مفتوحاً، وأمامه طفل مضطجع على ظهره، واضعاً رجلاً فوق رجل، والله لم يتحرك عندما دخلنا، ومعي أبوه، نريد أن نرى البيت لم يتحرك، هذا الرائي وحش، وقد قال أحدهم لهذا: أخرجت الوحش من بيتي، من هو الوحش؟ فقال: ضيف زارنا وضعناه في صدر البيت، أصغينا له ساعات طويلة، أنا وزوجتي وأولادي، كرمناه تكريماً كبيراً، بعد حين اكتشفت أن هذا الضيف وحش، أقام علاقة متينة جداً بينه وبين أولادي، على حساب علاقتهم معي، أقام علاقة طيبة جداً بينه وبين زوجتي وأولادي، وأنا أصبحت مهمتي أن آتي لهم بالطعام فقط فيأكلوه وهم مع الوحش، مهمتي أن آتي لهم بالطعام، ثم اكتشفت أنه ما لم أطرد هذا الوحش من بيتي يقضي عليّ وعلى أسرتي.
شيء خطير: يوم كنا صغاراً, إذا ذهب أحدنا إلى فيلم السينما كان يُعاقَب من أشدّ أنواع العقاب، الآن في كل بيت ملهى ليلي، وليس سينما، هذه بيوت المسلمين أيها الإخوة، شيء مؤلم جداً، فإذا لم يقم الإنسان الإسلام في بيته، ما ربّى الأولاد تربية إسلامية، لم يكن في البيت هناك طهر، يوجد عفاف، يوجد ذكر لله، يوجد تلاوة القرآن، يوجد إقامة الصلوات، يوجد روحانية الإسلام، يوجد تجليات من الرحمن، هذا البيت قطعة من الجحيم، كله مشاكل, وصخب, وضرب, وقتل، وتكسير, وسبّ، وطردها إلى بيت أهلها، تتخاصم مع زوجها وتذهب إلى بيت أهلها، أو يذهب هو من البيت، مرة هو ينام خارج البيت، هذا من فعل الشيطان، إن هذا من عمل الشيطان، أما إذا كان هناك طاعة للرحمن اختلف الأمر.
إخواننا الكرام؛ لا أحبّ أن أطيل عليكم، ولكن أريد أن يكون بيتكم إسلامياً، بالتوبة، بغض البصر، بالصدق، بتربية الأولاد:

﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (132)﴾

[ سورة طه ]

 أداء الصلوات، أيقظْها على صلاة الفجر، هل صلى المسلمون الفجر؟ تعشى الأولاد؟ نعم، هل سُرّوا؟ نعم سرّوا، قل لها: هل صلوا العشاء؟ اسألها: صلوا العشاء؟ لا يسألها، فقط أكلوا؟ كتبوا وظائفهم؟ اسأل زوجتك: هل صلوا العشاء؟ هذا البيت المسلم.
اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً. 

الملف مدقق

والحمد لله رب العالمين

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور