وضع داكن
28-11-2024
Logo
الدرس : 5 - سورة الجاثية - تفسير الآيات 20 – 22 لا يستوي المحسن والمسيء وعناصر السعادة الدنيوية
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتمّ التسليم على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

 

القرآن الكريم تعليمات الصانع به نرى الحقائق:


أيها الإخوة الكرام؛ مع الدرس الخامس من سورة الجاثية، ومع الآية العشرين.

أيها الإخوة الكرام؛ يقول الله عزَّ وجل:

﴿ هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (20)﴾

[ سورة الجاثية ]

بصائر جمع بصيرة، وبصيرة على وزن فَعِيلَة، وفعيلة صيغة مبالغة اسم الفاعل، أي نُبْصِر بها، دققوا في هذا المثل؛ هذه العين لو أنها في أعلى مستوى، وفي أدق حالة، هل يمكن أن ترى الأشياء من دون نور؟ لو فحص إنسان عينيه فوجدهما بأعلى درجة، ودخل إلى غرفةٍ مظلمة فهل يرى فيها شيئاً؟ مع أن عينيه سليمتان لا يرى شيئاً، لابدَّ من وسيط، لابدَّ من نورٍ ترى به الأشياء، العقل تماماً كالعين، لو كان عقلاً راجحاً، لو كان عقلاً متفوقاً، بذاته لا يرى الحقيقة إلا أن يرى الحقيقة مهتدياً بنور الله، لأن الإنسان العقل يهديه إلى أن لهذا الكون خالقاً، ولكن من هو الخالق؟ يأتي الوحي ويقول:

﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (4)﴾

[ سورة السجدة ]

 العقل يصل بذاته إلى أن هذا القرآن كلام الله من خلال إعجازه، وأن الذي جاء به نبيّ الله من خلال قرآنه، ولكن هذا القرآن ماذا يقول؟ من الذي يكشف لك حقائقه؟ ربنا عزَّ وجل يقول: ﴿أُوْلَئِكَ﴾ أهل البُعْدِ..

﴿ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (44)﴾

[ سورة فصلت ]

مهما تمتع الإنسان بعقلٍ راجح لابدَّ له من نورٍ كاشف، وبشكل مختصر كيف أنك إذا شققت الطريق تضع لافتات، هنا منعطف خطر، هنا منزلق حادّ، هنا تقاطع خطر، هنا طريق ذات اتجاه واحد، هنا اتجاهين متقابلين، هذه اللوحات هي بصائر تنير للسائقين ملابسات الطريق، أخطار الطريق، خصائص الطريق، كذلك الإنسان في الدنيا لابدَّ له من بصائر، لابدَّ له من كتاب من عند خالقه، بشكل أو بآخر الأمر اضغطه إلى أن يصبح أنت آلة معقَّدة جداً، غاية التعقيد، ثمينة جداً، غالية جداً، عظيمة النفع جداً، كيف تستعملها؟ لابدَّ من تعليمات الصانع، القرآن تعليمات الصانع فقال: ﴿هَذَا بَصَائِرُ﴾ بصائر جمع بصيرة، بصيرة على وزن فعيلة، فعيلة مؤنَّث فَعيل، فعيل صيغة مبالغة اسم الفاعل، أي به نرى الحقائق.

 

الإنسان يرى بشيئين؛ إما ببيان أو بنور:


شيءٌ آخر، أحياناً أنت ترى الحقيقة بشيئين؛ إما ببيان، أو بنور، البيان أن تصغي إلى الحق، هذا حرام، وهذا حلال، هذا يجوز، وهذا لا يجوز، في هذا المجال افعل ولا تفعل، هذا بيان، وإما أن تتصل بالله عزَّ وجل اتصالاً محكماً فيُلْقي الله في قلبك النور، وهذا تؤكِّده الآيات الكريمة: 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28)﴾

[ سورة الحديد ]

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29)﴾

[ سورة الأنفال ]

فالقرآن بصيرة، إما أن تقرأه فتستوعب أوامره ونواهيه فتطبقها، صار التبصير بيانياً، أو صار التبصير نورانياً، إما أن تتصل بالله اتصالاً محكماً يلقي الله في قلبك النور، وفي النهاية من كانت صلته بالله محكمة، ومن كان إدراكه للقرآن عميقاً، يلتقيان في تطبيق المنهج الإلهي ﴿هَذَا بَصَائِرُ﴾ أي أنت في أشدِّ الحاجة، وهذا لا يعرفه إلا من يقود السيارات، إذا كنت على سفرٍ طويل، مفارق متعدِّدة، ولا تعرف في أيِّها تذهب، تقع في أشد الحيرة، تقع في اضطراب، أذهب من هنا أم من هنا؟ كم تكون ممتناً لو رأيت لوحةً مضاءةً واسعةً واضحةً بلغةٍ تفهمها، كتب عليها: حمص من هنا، من هنا طرابُلس مثلاً، هذه اللافتات بصائر، بدل أن تخطئ وتصيب وتسأل وتضطرب وتقلق، لوحة مبيّنة، فربنا عزَّ وجل من لوازم كماله أنه لمَّا خلقنا نوَّر هذا الكون ببيانه، الله عزَّ وجل دائماً وأبداً يرسل الرُسُل، ينزِّل الكتب، يبعث بالدعاة، فالإنسان دائماً في حالة تبيين، قال تعالى: 

﴿ إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى(12)﴾

[ سورة الليل ]

(علينا)، وعلى إذا جاءت مع لفظ الجلالة تفيد الإلزام الذاتي، أي الله عزَّ وجل تكفَّل لنا أن يهدينا إلى سواء السبيل ﴿إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى﴾ قال تعالى:

﴿ وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (9)﴾

[ سورة النحل ]

وعلى الله قال بعض العلماء: بيان سبيل القصد، خُلِقْت كي تسعد في أبد الآبدين، على الله عزَّ وجل أن يبين لك معالم الطريق التي تودي بك إلى سعادتك ﴿وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ﴾ معكوسة، وعلى الله بيان سبيل القصد هكذا.

إذاً نشر الهُدى، وتوضيح الأمور، وإنزال الكتب، وإرسال الأنبياء، وإلهام الدعاة والعلماء بتبصير الأمور، هذا مما يفعله الله عزَّ وجل رحمةً بالعباد.

 

القرآن الكريم هدىً من الضلالة ورحمةٌ من الشقاء:


إذاً: ﴿هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ﴾ دقق في هاتين الكلمتين، هدىً من الضلالة، ورحمةٌ من الشقاء، قد يضل الإنسان وقد يشقى، يضلُّ عقله، وتشقى نفسه، فإذا قرأ هذه البصائر، قرأ هذا الكتاب، وتدبَّر آياته، واستوعب معانيه، وقف عند حلاله وحرامه، وقف عند مُحْكَمِهِ ومتشابهه، وقف عند الأمر والنهي، عند الوعد والوعيد، عند الحلال والحرام، وقف عند أخبار الماضين، وما سيكون بعد حين، إذا قرأ هذا القرآن كان له بصيرةً، أي أراه الحقَّ حقاً عليه أن يتبعه، وأراه الباطل باطلاً فما عليه إلا أن يجتنبه، أي الذي على الله الله عزَّ وجل قدمه ﴿إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى﴾، ﴿هَذَا بَصَائِرُ﴾ الآن نحن إما أن نستجيب أو لا نستجيب:

﴿  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24)﴾

[  سورة الأنفال ]

هذه دعوة الله لسعادتنا، دعوة الله كي نحيا حياةً حقيقيَّة، دعوة الله كي نصل إلى دار السلام بسلام، دعوة الله إلى أن نحقق الهدف الذي من أجله خُلِقْنا، دعوة الله إلى أن يرحمنا الله عزَّ وجل ﴿هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ﴾ .

 

من اتبع هدى الله فلا يضل عقله ولا تشقى نفسه:


القضيَّة قضيّة فهم، قضية محبَّة للذَّات، من أدرك إدراكاً صحيحاً وهو يحب ذاته لاشك أنه يسلك هذا الطريق: ﴿هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى﴾ من الضلالة ﴿وَرَحْمَةٌ﴾ من الشقاء، والآية الكريمة:  

﴿ قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123)﴾

[ سورة طه ]

من اتبع هداي فلا يضل عقله، ولا تشقى نفسه، أي هل هناك إنجاز أعظم؟ هل هناك تفوَّق أكبر من أن يستنير عقلك وتهتدي نفسك وتسعد نفسك؟ عقلك مستنير، ونفسك سعيدة، عقلك مستنير بالحقائق الربَّانيَّة، ونفسك سعيدة بالرحَمَات الإلهية، فأنت عقلك يرى الحقَّ حقاً والباطل باطلاً، ونفسك تُقْبِلُ على الله عزَّ وجل فتسعد بهذا القُرب.

 

الإيمان كله يقينيَّات:


﴿ هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (20)﴾

[ سورة الجاثية ]

يُفْهَم من هذه الآية معنىً مخالف أن الناس دائماً في شك، أهل الدنيا لا يوجد عنده أولاً صدق كاف يبحث عن الحقيقة، يقول لك: لا نعرف، الله أعلم، الله يجعل الخاتمة لخير، دائماً كلمات فيها تشكك، تصور ألا يكون هناك جنة بالآخرة نكون لم نستفد شيئاً، ضيعنا علينا الشهوات كلها، أهل الدنيا أفهم منا، دائماً في شك، لا يوجد يقين، بالإيمان لا يوجد فيه شك، بالإيمان يوجد يقينيَّات، إذا كانت حقائق الإيمان ليست واضحةً وشاخصةً أمامك كإيمانك بوجودك فهذا ليس إيماناً، والدليل:

﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (15)﴾

[ سورة الحجرات ]

﴿ كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6)﴾

[ سورة التكاثر ]

لا يوجد شك في الإيمان، لا يوجد احتمال، لا يوجد حالة وسط بين اليقين وبين عدم اليقين، الإيمان كله يقينيَّات، أي لن تؤمن حتى تكون الحقائق كالشمس في رابعة النهار، لذلك لو اجتمع أهل الأرض على أن يفتنوك لا يستطيعون، لا تستطيع سبائك الذهب اللامعة، ولا سياط الجلاَّدين اللاذعة أن تصرفك عما أنت فيه، هذا هو الإيمان: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا﴾ إن الذين آمنوا، طبعاً آمنوا وازدادوا إيماناً، آية دقيقة، هذا الكتاب بصائر، تصور نفسك تمشي في طريق مظلم، ملتوٍ، فيه أكمات، فيه حفر، فيه وحوش، فيه حشرات، فيه أفاعٍ، فيه ثمار يانعة، فيه كنوز، بلا مصباح، وهذا القرآن مصباحك، تأخذ الكنز، وتدع الأكمة أو الحفرة، أو الحشرة القاتلة، بصائر، إذا كان هذا القرآن بصيرةً لك ما ضلَّ عقلك، ولا شقيت نفسك، إذا تفتَّح عقلك نفسك تتبع العقل، وفي الأثر: "أرجحكم عقلاً أشدَّكم لله حبَّاً" ، إذا أدرك عقلك  الحقيقة نفسك تحب لنفسها الخير، بحكم حبِّك لذاتك تبحث النفس عن الخير.

 

الآية التالية لو قرأها الإنسان واستوعبها أدخلته في السعادة:


الآن الآية الدقيقةُ الدقيقة التي لو قرأها الإنسان واستوعبها أدخلته في السعادة:  

﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (21)﴾

[ سورة الجاثية ]

هذا الدين لو أنه استوى الذي يجترح السيئات مع الذي عمل الصالحات، لو استوى المؤمن مع الكافر، لو استوى المحسن مع المسيء، لو استوى الخائن مع المخلص، لو استوى الصادق مع الكاذب، لو استوى النصوح مع الغاش، لو استوى هذان الشخصان فالدين لا طعم له، ولا جدوى، ولا فائدة، بل هو باطل، يقول الله عزَّ وجل أي أيعقل هذا الكون المعجز خالق هذا الكون أيعقل أن يسوِّي بين الصالح والطالح؟ بين المحسن والمسيء؟ بين المستقيم والمنحرف؟ بين الغاش وبين الناصح؟ بين الصادق وبين الكاذب؟ بين من تتبَّع أمر الله وطبَّقه وبين من لم يبال بأمر الله؟ بين من اتبع العقل وبين من اتبع الشهوة؟ بين من سار في طريق الجنَّة وبين من سار في طريق النار؟ بين من أساء للخلق، بنى حياته على أنقاضهم وبين من بنى آخرته على حساب مصالحه؟ أيستويان؟

حينما تتوهَّم أنه يمكن أن يكون الصالح كالطالح أخي ظروف صعبة تعم الجميع، معنى هذا أن الدين لا فائدة منه، لا حاجة للدين إطلاقاً، إذا لم يكن للمؤمن معاملة خاصَّة من الله، ليس له زواج خاص، ليس له عمل خاص، ليس له سمعة خاصة، ليس له توفيق خاص، ليس له دعم خاص، يستوي مع الكافر، محسن محسن، مسيء مسيء، كلاهما سيَّان، كلاهما يساقان بعصا واحدة، كلاهما تقع عليهما ظروفٌ واحدة، يعانيان من مشكلات واحدة، إذاً الدين شيء لا يجدي، ولا يغني، ولا ينفع، هذه الآية مفصلية أي إذا توهَّمت أن فلانًا الله يعطيه، لا دين له، لا يصلي، ولا يصوم، شارب خمر، كاذب، زانٍ، والله يعطيه، يقول لك: سبحان المعطي! وهذا المؤمن المستقيم الله حرمه، لماذا؟ لا نعرف، هناك حكمة، إذا قلت: هناك حكمة، وتعني أن هناك حكمة فكلامك مقبول، أما إذا قلت: هناك حكمة، وتعني أنه لا توجد حكمة فهذا الكلام صار فيه كفر، ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ هل من المعقول شاب نشأ في طاعة الله، يرتاد المساجد، من مجلس علم لمجلس علم، يغض بصره، يحرر دخله، يصدق ولا يكذب، ينصح ولا يغش، معقول إله الكون العظيم يضعه بظروف يعامله فيها كما يعامل المسيء؟ ليس له أي ميزة؟ لا داع للدين عندئذ، لا داع لئن يؤمن الإنسان بالله عز وجل، لكن الله قال لك: هذا الشيء مستحيل، ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ إنسان غضَّ بصره طوال حياته، هذا زواجه كزواج إنسان له تجارب، شخص لا يعرف إلا زوجته، قبلها كان يغض بصره، لا يوجد له أية معصية متعلقة بالنساء إلى أن يسّر الله له زواجاً، وآخر قبل أن يتزوج له آلاف التجارب وآلاف الانحرافات، أيعقل أن يكون زواج هذا كزواج ذاك؟ غير معقول، هذا له تجارب، له انحرافات، يستوي مع إنسان عفيف؟ غير معقول، شخص لا يكذب، ماله كله حلال، لا يغش أبداً، استمتاعه بالمال كأموال طائلة جاءتك من طريق غير مشروع؟ مستحيل، إياك أن تصدق هذا، المال الحلال يبارك الله لك فيه، والمال الحرام يَتْلَف، ويُتْلِف صاحبه، والإنسان المستقيم قبل الزواج من أوائل ثمرات الاستقامة زواج موفَّق، زوجة تسرُّه إن نظر إليها، تحفظه إن غاب عنها، أنت تعرف نعمة عندما يذهب الإنسان إلى عمله وهو مطمئن لأهله، هذه نعمة كبيرة جداً، هذه النعمة لا تقدر بثمن لا يعرفها إلا من فقدها، إذا الإنسان شعر أن زوجته ليست مستقيمة، لا ترد يد لامس، ربما خانته في غيبته، هل هذه حياة؟ المؤمن مستقيم يعرف أن زوجته عفيفة مثله، فتجده مرتاحًا، زواج المسلم غير زواج الكافر، عمل المسلم لا يكذب أبداً في عمله، يخاف من الله عزَّ وجل، المال تحت قدمه، لا يغش المسلمين؛ لا في طعامهم، لا في شرابهم، لا في بيعهم، لا في حاجاتهم، لا في ألبستهم، لا في معاملاتهم، فتجد المؤمن مستعدًا ليضحي بالغالي والرخيص من أجل أن يرضى الله عنه، وتجد الكافر مستعدًا أن يضحي بكل القيم وكل المبادئ من أجل أن يكسب المال، هل تنتظر من الله أن يعامل هذا المسيء كهذا المحسِن؟ غير معقول هذا الكلام.

 

حقيقة معاملة الله للناس:


لو أردنا أن نتعرَّف إلى الحقيقة لا من خلال كتاب الله، ولا من خلال سنَّة رسول الله، ولا من خلال الكون، والله لو أن أحدكم له نفس طويل، وله قدر دؤوب، ونظر إلى الناس كيف يعاملهم الله عزَّ وجل لعرف الحقيقة من معاملة الله لعباده، المستقيم محفوظ، المنحرف يفاجأ بمصيبة لم تكن متوقَّعة، من يكسب المال الحلال يبارك الله له في هذا المال، من يكسب المال الحرام يدفعه على صحته ويُتلفه الله، من يغش في بضاعة الناس الله عز وجل المال الذي حصّله من هذا الغش يتلفه في ثانية واحدة، الأمور دقيقة جداً وعميقة، إيَّاك أن تفهم الأمور فهمًا سطحيًا، كل مصيبة لها حكمة بالغة، لو كُشِفَ الغطاء لاخترتم الواقع.

مرَّة قال لي أحدهم-والله لا أنسى هذه الكلمة- قال لي: كم تُقَدِّر عمري؟ قلت له: ستون عاماً، قال: لا، عمري ستة وسبعون عاماً، قال لي: والله أنا أشعر أنني ذو نشاطٍ بحيث أهدم حائطاً، لأنني والله لم آكل في حياتي كلها درهمًا حرامًا واحداً، ولا أعرف الحرام، ويعيش معززاً مكرماً، تجد أشخاصًا كثيرين أكلوا المال الحرام فأتلفهم المال، هذه الآية آية مصيريَّة، آية مفصليَّة، اطمئن إذا كنت مع الله لا تبالي، لا تخف، أبشِر.

 

للمؤمن معاملة خاصة من الله في الدنيا قبل الآخرة:


الله يؤكِّد لعباده المؤمنين أن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لن يكونوا كالذين عملوا السيئات، ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ لك معاملة خاصَّة، لك توفيق خاص، لك حفظ خاص، لك تيسير خاص، لك بيت خاص، لك طمأنينة خاصَّة، لك اتصال بالله خاص، لك مكانة خاصة، لك منزلة خاصَّة، هذا كلُّه من ثمرات الإيمان في الدنيا قبل الآخرة، لأن في الآخرة الرصيد:

﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (185)﴾

[ سورة آل عمران ]

لكن في الدنيا تشجيع، توجد دفعات تشجيعيَّة لبقيَّة المحسنين، ويوجد عقابات ردعيَّة لبقيَّة المسيئين، ولكن الجزاء الحاسم يوم القيامة، ﴿وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ أيها الإخوة اطمئن، أنت عليك شيء واحد؛ عليك أن تتبع أمر الله وأن تطبِّقه، وانتهت مهمَّتك، والله عزَّ وجل عليه أن يحفظك، قال تعالى:

﴿ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (56)﴾

[ سورة هود ]

هو يحفظك، هو يوفِّقك، تجد أن الله خلق من الضعف قوَّة، كان لا شيء فصار كل شيء، كان خامل الذكر فرفع الله شأنه، كان دخله أقل من حاجته فيسّر الله له دخلاً غطَّى حاجاته، كان بلا زوجة فيسر الله زواجه، كان بلا بيت يسَّر الله له بيتًا، كان له عمل مُجْهِد ومردوده قليل فصار له عمل مريح ومردوده كبير، إذا دعا إلى الله -عزَّ جل- وفِّقه، يُطْلِقُ لسانه في الحق، كلما قرأت هذه الآية مئات المرات لا ترتوي منها: ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ ليس في الآخرة، في الدنيا، والدليل: ﴿سَوَاءً مَحْيَاهُمْ﴾ هل بيت المسلم مثل بيت غير المسلم؟ إذا ذهب الإنسان إلى نزهة مثلاً، وجلس في مكان جميل، لا اختلاط فيه، ولا خمور، ولا يوجد أغاني، جلس مع أهله، هذا مسرور، لكن لو جلس في مكان عام لا يرضي الله عزَّ وجل يشعر بانقباض، لو دعا إخوانه إلى بيته وصار لقاء لطيف، لكن لا يوجد اختلاط في هذا اللقاء، لو وجد الاختلاط لوجدت أن كل إنسان عينه على زوجة الآخر، يبدأ الحسد، والغمز واللمز، والاضطراب، الزوج لاحظ أن زوجته تتكلَّم مع فلان زيادة، عاتبها مساء وهي عاتبته أكثر، كل حياة أهل الدنيا مشكلات، فلذلك عندما يطبِّق الإنسان شرع الله عزَّ وجل يرتاح، ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ .

 

في الدنيا يستحيل على الله عزَّ وجل أن يجعل حياة المؤمن كحياة الكافر:


 الحديث عن الآخرة حق، أما أنا أركِّز الآن على الدنيا، وأنت في الدنيا يستحيل على الله عزَّ وجل أن يجعل حياة المؤمن في الدنيا كحياة الكافر، البيت متميز، الزواج متميز، العمل متميز، حتى الصحَّة الجسميَّة متميّزة، لأنه يصلي، الصلاة رياضة، يصوم، الصيام وقاية، يعتدل في الشهوات، الاعتدال هو الصواب، حتى في صحَّته، حتى في بيته، حتى في عمله، حتى في علاقاته، حتى في أفراحه، تجد أحياناً عرساً النساء كلهنَّ مصونات، مثلاً مديح رسول الله صلى الله عليه وسلم، امرأة ألقت كلمة، عرس، شيءٌ جميل! هذا عرس إسلامي؛ وهناك عرس فيه أغان ورقص وانحرافات وما شاكل ذلك، هذا العرس غير هذا العرس.

عقد قِران المؤمن تجد فيه منشدين، إلقاء كلمات، توزيع حلوى، أما أهل الدنيا ففيه اختلاط، عرس أنفق فيه كذا مليون، والعريس على المنصَّة قال لزوجته: أنتِ طَالق طالق طَالق، لأن كل زواج بني على معصية الله يتولَّى الشيطان التفريق بين الزوجين، وكل زواج مبني على طاعة الله يتولَّى الله التوفيق بينهما.

هذه الآية يجب ألا نشبع منها: ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ﴾ تدفعك إلى العمل الصالح، لا يضيع شيء عليك، والله الذي لا إله إلا هو زوال الكون أهون على الله من أن يضيِّع مؤمناً مستقيماً، هل يضيعك؟ يجعل أهل المعاصي يتفوَّقون عليك؟ أنت تصير متخلِّفاً بنهاية الركب في الدرجة السفلى لأنك مؤمن؟ هذا دين الله عزَّ وجل؟ ألا يغار الله على أتباعه؟ على المؤمنين؟ هذه الأفكار لأنه مستقيم بقي بلا عمل، لأنه مستقيم طلَّق زوجته، لأنه مستقيم فصلوه من عمله، هذا كلام الشيطان، لأنه مستقيم الله وفّقه، لأنه مستقيم الله حفظه، لأنه مستقيم الله رفعه، لأنه مستقيم الله أكرمه، يوجد كلام والله  هو الكفر بعينه، هو مظهره ديني يقول: سبحان الله! لله حكمة لأنه أحب ألا يأكل مالاً حرامًا بقي بلا عمل، يذكرون كذلك كلمة (سبحان الله) أين الله عزَّ وجل؟ أين التوفيق؟ أين: 

(( وما ترك عبد شيئاً لله إلا عوضه الله خيراً منه في دينه ودنياه. ))

[ رواه أبو نعيم عن ابن عمر مرفوعا وقال غريب، لكن له شواهد منها ما رواه التيمي في ترغيبه ]

أين هذه؟ (( ما ترك عبدٌ شيئاً لله إلا عوَّضه الله خيراً منه في دينه ودنياه)) .

إخواننا الكرام؛ هذه الآية يجب أن تُحْفَر في أذهاننا، يجب أن تمتزج مع دمائنا، يجب أن تتخلخل بين خلايانا، ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ﴾ هو لا يأبه لدين ولا لمنهج، حرام حلال ضع بالخرج، أريد فقط المال، غشَّ الناس، كذب عليهم، لعب عليهم: ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ﴾ تجد أن ماله كله ضاع، إتلاف، مصادرات، مخالفات، أمراض وبيلة، في النهاية صار لا شيء، تجد المؤمن على دخل متواضع ولكن فيه بركة، الله متَّعه فيه، متَّعه بأهله وبأولاده، وحياته مستقرَّة وهادئة، ومتنامية ومتصاعدة.

أقول لكم كلمة إخواننا الكرام لا تعتبرونها تحدّ لكن إذا بالأرض كلها التي يوجد فيها خمسة آلاف مليون إنسانٍ إنسانٌ واحد سعيد في البعد عن الله فهذا الكتاب باطل، الله عزَّ وجل قال: 

﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124)﴾

[  سورة طه  ]

إذا وجدت شخصاً لو كان من أهل الغنى، لو كان من أهل القوة، واحداً وليس اثنين سعيداً في البعد عن الله، وفي عدم ذكر الله يكون هذا الدين باطلاً، وهذه الآية باطلة، الله قال: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾ وإذا وجدت مؤمناً واحداً لو كان فقيرًا، لو كان ضعيفًا، لو كانت حياته خشنة، لو كان معه مرض، مؤمن واحد ليس سعيداً بالله يكون هذا القرآن باطلاً:

﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)﴾

[ سورة النحل ]

اسأل إخواننا الأطبَّاء عن الإنسان عند النزع كيف تكون حالته؟ انهيار كامل، سيدنا سعد بن الربيع كان في طور النزع، تفقَّده النبي صلى الله عليه وسلم، أرسل من يسأل عنه في ساحة المعركة، وصل الصحابي، قال له: إن النبي الكريم أمرني أن أتفقَّدك هل أنت مع الأحياء أم مع الأموات؟، قال له: أنا مع الأموات، لكن قل لرسول الله-اسمعوا كلام شخص ينازع-: "جزاك الله عنَّا خير ما جزى نبيّاً عن أمته" .

أنا متصوِّر أن سيدنا سعد بن الربيع في قمَّة السعادة وهو في النزع الأخير، وقل لأصحابه: "لا عذر لكم إذا خُلِص إلى نبيُّكم وفيكم عينٌ تطرف" .

ما هذه السعادة؟ في قمَّة النشوة وهو ينازع، ما هذا الإيمان؟

وأنت مريض سعيد، وأنت فقير سعيد، وأنت بالنزع سعيد، وأنت تغادر الدنيا سعيد، المؤمن كل أطوار حياته هي ألوان السعادة حقيقة، إياكم أن تتوهَّموا أنني أعني بالسعادة الماديَّة، المؤمن قد يكون فقيرًا، لا تظن لأنه مؤمن صار بيته واسعاً، ومركبته فارهة، ودخله كبيراً، لا، ليست هذه هي السعادة، السعادة تنبع من الذات، ولا تأتي من المحيط، إنها تنبع من الذات. 

 

عناصر السعادة عند أهل الدنيا:


أيها الإخوة؛ أهل الدنيا- أذكر هذه العبارة لأنها تعبير عن أهل الدنيا- يقول لك: السعادة الماديَّة تحتاج إلى ثلاثة عناصر: تحتاج إلى وقت، وتحتاج إلى صحَّة، وتحتاج إلى مال، مقياس السعادة المادي، أي اللذائذ، مباهج الحياة، متع الحياة، وهذه الأشياء الثلاث دائماً يتوفر عند المحظوظين اثنان منها: الإنسان في أول طور في حياته صحَّة طيبة وعنده وقت فراغ، ولكن لا يوجد مال فهو غير سعيد.

في الطور الثاني المال موجود والصحَّة موجودة ولكن لا يوجد وقت، مشغول، فهو غير سعيد.

في الطور الثالث المال موجود، والوقت موجود، ولكن الصحَّة لا توجد، فهو غير سعيد، انتهت، لو أردت الدنيا لذاتها لا تسعد بها أبداً، قيل: "إنَّ أسعد الناس في الدنيا أرغبهم عنها، وأشقاهم فيها أرغبهم فيها" ، شيء يحيّر، إذا أقبلت عليها بَعُدت عنك، فإذا ابتعدت عنها أقبلت عليك، لذلك قيل: "إياك عبد الله والتنعُّم، فإن عباد الله ليسوا بالمتنعِّمين" ، أنت نعيمك بالعمل الصالح، نعيمك بطلب العلم، نعيمك بملازمة أهل الحق، نعيمك بالدعوة إلى الله، نعيمك في خدمة الخلق، نعيمك في مناجاة الحق، هذا هو نعيمك، يوجد أناس يتوهَّمون أن النعيم ببيت فخم بمصيف، أكل وشرب ونوم، هذه حياة تُمَلّ، واسأل أصحاب هذه البيوتات الفخمة، يهجرونها كثيراً لأن حياتهم في ضنك: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾ هذه الآية إخواننا الكرام آية مفصليَّة: ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ﴾ أي حياتهم، صحَّتهم، زواجهم، عملهم، أفراحهم، أتراحهم، ما يعتورهم من أحوال، قال عليه الصلاة والسلام:

(( عن صهيب بن سنان الرومي:  عَجِبْتُ لأمرِ المؤمنِ، إنَّ أمرَهُ كُلَّهُ خيرٌ، إن أصابَهُ ما يحبُّ حمدَ اللَّهَ وَكانَ لَهُ خيرٌ، وإن أصابَهُ ما يَكْرَهُ فصبرَ كانَ لَهُ خيرٌ، وليسَ كلُّ أحدٍ أمرُهُ كلُّهُ خيرٌ إلَّا المؤمنُ. ))

[ السلسلة الصحيحة : خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط مسلم ]

غير المؤمن يتكبَّر في الرخاء وينسى، وفي الشدَّة ييئس، يأسٌ قاتل أو غفلةٌ مستحكمة، المؤمن شكور في الرخاء، صبور في البلاء، في الفقر متعفِّف، في الغنى سموح، منفق، منصف في القوَّة، متذلِّل لله عزَّ وجل في الضعف. 

 

صبر النبي صلى الله عليه وسلم على الفقر والجوع والأذى والغربة:


النبي الكريم أذاقه الله الضعف والقهر في الطائف، قال صلى الله عليه وسلم: 

(( اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وهواني على الناس، أرحم الراحمين أنت أرحم الراحمين إلى من تكلني إلى عدو يتجهمني أم إلى قريب ملكته أمري، إن لم تكن غضبان علي فلا أبالي، غير أن عافيتك أوسع لي، أعوذ بوجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن ينزل بي غضبك أو يحل بي سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بالله ))

[  قال الهيثمي في "مجمع الزوائد": وفيه ابن إسحاق وهو مدلس ثقة، وبقية رجاله ثقات ]

أذاقه النصر بفتح مكَّة، قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء، أذاقه الفقر.. عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ:

(( يَا عَائِشَةُ، هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟ قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَا عِنْدَنَا شَيْءٌ، قَالَ: فَإِنِّي صَائِمٌ. ))

[ صحيح مسلم ]

لا يوجد شيء في بيته إطلاقاً، ولا تمرة، فلمَّا صار غنياً قال له أحدهم: لمن هذا الوادي؟ قال له: هو لك، قال: أشهد أنك رسول الله، تعطي عطاء من لا يخشى الفقر، أذاقه الله الفقر، وأذاقه الغنى، وأذاقه القهر، وأذاقه النصر، وأذاقه موت الولد.

(( تَدْمَعُ الْعَيْنُ وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يُرْضِي رَبَّنَا إِنَّا بِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ. ))

[ صحيح مسلم ]

أصابه موت الولد، أصابه ترك الوطن، الهجرة، ترك مكَّة، فقال: اللهمَّ إني تركت أحبَّ البلاد إليّ فأسكني أحبَّ البلاد إليك، ترك مكَّة، وسكن في المدينة،.

 

من المستحيل أن يستوي المحسن مع المسيء بنص القرآن الكريم:


إذا حكم الإنسان أن الله يسوِّي بين المسيء والمحسن قال تعالى:  ﴿سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾ هذا حكم سيئ، ونظرة قاصرة، وتفكير ساذج، وعمى في القلب أن يسوِّي الله بين المحسن والمسيء، والمستقيم والمنحرف، والغاش والمخلص، والخائن والصادق، أبداً، الدليل: قال الله: 

﴿ وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (22)﴾

[ سورة الجاثية ]

 تصوَّر جامعة كيف يكون نظام النجاح فيها؟ تهدي الأستاذ هديَّة فينجِّحك، ولو لم تدرس، الفحص اختياري وليس إجبارياً، تحب أن تقدم فحصاً قدم هدية، الهدية بدلاً من الفحص فتنجح، هل هذه جامعة؟ العلاقات الشخصية وحدها تنجحك من دون ورقة امتحان، من دون سؤال موحَّد، لك علاقة مع الأستاذ طيّبة تنجح، قدَّمت له هديَّة ينجحك، أعطاك الأسئلة دفعت ثمنها فتنجح، هل هذه جامعة؟ هذه بالحق أم بالباطل؟ انظر إلى الآية الكريمة: ﴿وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ﴾ لو كان الله يسوِّي بين الذين اجترحوا السيئات والذين آمنوا وعملوا الصالحات هذا الخلق ليس بالحق بل صار بالباطل، ما معنى بالحق؟ وفق أسس ثابتة، أسس مكينة، الله عز وجل خلق السماوات والأرض وفق هدفٍ نبيل، ووفق استقرار، الدليل الحق من أين تعريف الآية:

﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ (27)﴾

[ سورة ص ]

خلقهما بالحق، ما خلقهما بالباطل، معنى هذا أن الحق عكس الباطل، الباطل هو الشيء الزائل، الحق الشيء الثابت.

﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (16)﴾

[ سورة الأنبياء ]

معنى هذا أن الحق خلاف اللعب، من القرآن الكريم الحق خلاف الشيء الزائل، والحق خلاف اللعب، خلاف الزائل الثابت، خلاف اللعب الهادف، معنى هذا أن الحق بتعريف القرآن له الشيء الثابت الهادف، الشيء الثابت النبيل العظيم، فربنا عزَّ وجل خلق السماوات والأرض لهدفٍ كبير، وخلق الله السماوات والأرض لتبقى لا لتزول.

أيها الإخوة؛ العلاقة بين الآيتين علاقةٌ تامَّة: ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾ الأمر ليس كما تتوهَّمون لأن الله ﴿وخَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ﴾ إذاً لن يكون الذين عملوا السيئات كالذين آمنوا وعملوا الصالحات، لذلك الروعة والعظمة أن تأتي النتائج وفق المقدِّمات، قال تعالى: 

﴿ وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ(22)﴾

[ سورة الجاثية ]

حينما تتوهَّم أنه يمكنك أن ترتكب إساءات دون أن تُحَاسَب عليها إطلاقاً وتنجو، معنى هذا أن المنضبط غبي، الذي ضبط دخله، جعله كله حلالاً، وكان قليلاً، وصبر على قلَّته، والذي لم يضبط دخله، وجعله أكثره حراماً، وتمتَّع بهذا المال، ثم سوَّى الله بين هذا وذاك، معنى هذا أن المستقيم إنسان غبي، محروم، من الذي أفلح ونجح؟ الذي لم يبالِ بهذا النظام، ولم يأخذ به، فعلَ ما يشتهي، ثم جاء يوم القيامة وله الجنَّة، قال له: لا، ﴿وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ﴾ .

﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93)﴾

[ سورة الحجر ]

﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42)﴾

[ سورة إبراهيم ]

أحياناً تسمع قصصًا مُفادها أن فلانًا عمل وكسَّب، وكسَّر واشترى، ونهب وسلب، وركَّز وضعه، واشترى بيوتًا ومراكب، ويعيش مسروراً، معنى هذا أنه لا يوجد إله، أي فوضى:

﴿ أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (36)﴾

[ سورة القيامة ]

هكذا بلا حساب؟ بلا مسؤوليَّة؟ معقول الغني والفقير، الغني مسرف، ماله أكثره من الحرام ينفقه على ملذَّاته، والفقير محروم ما ذاق طعم الحياة، ويستويان يوم القيامة؟ هل يستوي إنسان ظالم مع إنسان مظلوم؟! إنسان مستغِل مع إنسان مستَغَل يستويان؟ دول قوية عاتية تتحكَّم بهؤلاء الشعوب، يقتلون ملايين من أجل رفع مستوى المعيشة عند شعوبهم، يفتعلون حروبًا أهليَّة تمتد سنوات من أجل بيع الأسلحة فقط، هذه الدول لن تُحَاكَم عند الله يوم القيامة؟ سيستوون مع الشعوب المتخلِّفة؟! معنى هذا لا يوجد إله، يقول الله عزَّ وجل: ﴿وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ هذا الإيمان، يجب أن تؤمن أنه لا يمكن لإنسان أن ينجو إذا كان ظالماً: ﴿وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ﴾ .

﴿ لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197)﴾

[ سورة آل عمران ]

 

المتفوق والفالح من يطع الله ويكون على منهجه:


يقول الله عزَّ وجل: 

﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (26) يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (27) مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ (29) خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ (32) إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ(33)﴾

[ سورة الحاقة ]

لا تفكر أبداً أن يستوي المؤمن والكافر.

﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ (18)﴾

[ سورة السجدة  ]

﴿ أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36)﴾

[ سورة القلم  ]

﴿ أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (61)﴾

[   سورة القصص ]

مستحيل، هذا الإيمان أيها الإخوة يحملكم على طاعة الله، ويحملكم على الثقة بالله، ويحملكم على الاستبشار، كفاك على عدوِّك نصراً أنه في معصية الله، اجعل شعارك دائماً:

﴿ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)﴾

[  سورة الأحزاب  ]

أنت الفائز، أنت الرابح، أنت الناجح، أنت الفالح، أنت المتفوِّق، أن تكون على  منهج الله، تنام مساءً دون أن تكون مغتصباً لحقّ أحد، دون أن تكون آكلاً لمال أحد، دون أن تكون معتدياً على أحد، وفق منهج الله، ﴿وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ﴾ لأنه خلقهما بالحق لن يجعل الذين اجترحوا السيئات كالذين آمنوا وعملوا الصالحات، لأنه خلقهما بالحق، ولأنه خلقهما بالحق ﴿وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ .

 

أعمال الإنسان كلها مسجلة عليه والغبي من يظن أنه سينجو يوم القيامة:


إخواننا الكرام؛ يجب أن تعتقد اعتقادًا قاطعًا أن الذي يرتكب المظالم، ويأكل أموال الناس بالباطل، ويعتدي على أعراض الناس أحمق إنسان على الإطلاق، ما السبب؟ لأنه سوف يدفع الثمن باهظاً، إذا أخذ أحدهم ليرة سرقة ودَفَّعوه عوضاً عنها مليون ليرة، أخذ الليرة سرقة يكون هذا ذكاء منه أم غباء؟ لا يمكن أن ينجو من العقاب، كله مسجَّل عليه، مستحيل يأخذها، فكل إنسان يرتكب المعصية، يأكل مالاً حرامًا، يعتدي على أعراض الناس، لا يقيم وزناً لشرع الله، لا يأتمر بأمر الله، لا ينتهي عما عنه نهى الله، ويظنُّ أنه على علم، وأنه ذكي وقادر، هذا هو الغباء بعينه، ﴿وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ ، وفي درسٍ قادم إن شاء الله تعالى:

﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (23)﴾

[ سورة الجاثية ]


الملف مدقق

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

الاستماع للدرس

00:00/00:00

نص الزوار

إخفاء الصور