الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
الحكمة من إقحام آية الصلاة بين آيات الطلاق وآيات الجهاد:
أيها الإخوة الكرام؛ مع الدرس الثمانين من دروس سورة البقرة، ومع الآية الثامنة والثلاثين بعد المئتين، وهي قوله تعالى:
﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238)﴾
العجيب أيها الإخوة؛ أن هذه الآية جاءت يتيمةً بين آيات الطلاق وآيات القتال، وقد يسأل سائل: ما العلاقة بين أمرٍ تكليفي تعبُّدي شعائري وبين شأنٍ تكليفيٍ تشريعي كقضية الطلاق وبين أمرٍ جهاديٍ كالقتال؟ جاءت آية الصلاة مُقحمةً بين سلسلة آياتٍ تتحدث عن أحكام الطلاق، وبين سلسلة آياتٍ تتحدث عن أحكام الجهاد.
لعل الحكمة من أن تكون هذه الآية بين آيات الطلاق وآيات الجهاد أن الإنسان لا يستطيع أن يُقيم أمر الله، وينفِّذ أمر الله، ولا أن يضحي بنفسه في سبيل الله إلا أن يكون متَّصلاً بالله، تطبيق آيات الله؛ الالتزام بالأمر والنهي، وبذل الغالي والرخيص والنفس والنفيس يحتاج إلى طاقةٍ عاليةٍ جداً، هذه الطاقة تأتينا من الصلاة، ليس هناك طاقةٌ من دون اتصالٍ بالله، وليس هناك إمكانٌ أن تلتزم بما أمر الله، وأن تنتهي عما نهى الله عنه، المنافق تضعف همَّته عن أن يُنفذ أمر الله، تضعف همَّته عن أنْ ينتهيَ عما نهى الله عنه، تضعف همَّته عن أن يفعل شيئاً أراده الله، ضعيف.
﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142)﴾
فإذا كان المنافق تضعف همته عن أن ينفِّذ أمر الله التشريعي، وأن ينتهي عما نهى عنه أيضاً، فلأَنْ يَعْجَزَ عن أن يبذل الغالي والرخيص، والنفس والنفيس في سبيل الله من باب أولى، لا يستطيع، فكأن الله عزَّ وجل يرشدنا إلى أنكم يا عبادي إن لم تتصلوا بي، إن لم تقتبسوا هذه الطاقة من خلال إقبالكم عليّ لن تستطيعوا لا أن تُنَفذوا أمراً، ولا أن تبذلوا نفساً، تنفيذُ الأمر غير بذل النفس، إنسانٌ ضبط لسانه، نفّذ الأمر، ضبط عينه، غضّ بصره، ضبط سمعه، ما استمع إلى الغناء، ضبط يده ما بطش بها، ضبط رجله، ما سار بها إلى معصية، الضبط يحتاج إلى اتصال بالله.
الصلاة هي الفرض المتكرر الوحيد الذي لا يسقط بحال:
الآن البذل؛ أن تبذل المال، الوقت، الجهد، الصحة، النفس، يحتاج إلى طاقةٍ كبيرةٍ جداً، هذه الطاقة تأتيك من الاتصال بالله عزَّ وجل، الإنسان المتصل بالله يفعل المعجزات، والإنسان المقطوع عن الله لا يستطيع أن يفعل شيئاً، همَّته ضعيفة، يميل إلى الراحة، يميل إلى الاسترخاء، يميل إلى اختصار الأمور، فبيْن أن تملك هذه الطاقة العالية كي تُقيم أمر الله، وبين أن تكون مقطوعاً عن الله عزَّ وجل، فالمقطوع عن الله لا يستطيع لا أن يُقيم أمر الله، ولا أن يبذل في سبيل الله شيئاً، لذلك جاءت آيات الصلاة مُقحمةً بين آيات الطلاق وآيات الجهاد، أي في الطلاق التزام، امتناع، انضباط، سيطرة على الذات، الجهاد بذل؛ بذل ماذا؟ بذل أثمن شيء يملكه الإنسان؛ حياته، فلا تستطيع لا أن تلتزم ولا أن تضحي إن لم تكن موصولاً بالله عزَّ وجل، هذا معنى إقحام آية الصلاة بين آيات الطلاق وآيات الجهاد.
أيها الإخوة؛ كما تعلمون الدين له أركان كثيرة، أركانه خمسة؛ أركان الإسلام خمسة؛ شهادة أن لا إله إلا الله، شهادة التوحيد، وشهادة أن محمداً رسول الله، شهادة الرسالة، هذه تُلفظ مرةً واحدة في العمر وانتهى الأمر، إلا إذا ارتدّ الإنسان، أو حلف يميناً غموساً، هذه اليمين الغموس الذي يقتطع بها حقّ امرئٍ مسلم يُخرجه من الدين، لابد من أن يدخل في الدين ثانيةً، فيعلن شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحجّ البيت، إيتاء الزكاة تسقط عن الفقير، والصوم يسقط عن المريض والمسافر، طبعاً يُؤدَّى بعد ذلك أداءً، والحج يسقط كليةً عن الفقير، ويسقط أداؤه البدني عن الغني المريض، لابد من أن يُوصي بحجة بدل، إذاً الشهادة مرة واحدة، شهادة التوحيد وشهادة الرسالة، والزكاة قد تسقط عن الفقير، والصوم يسقط عن المريض والمسافر، والحج يسقط عن الفقير والضعيف، ما هو الفرض المتكرر الذي لا يسقط بحال؟ إنه الصلاة، لذلك ورد أنه لا خير في دينٍ لا صلاة فيه، الاتصال بالله.
العبادات في الإسلام عباداتٌ معللةٌ بمصالح الخلق:
يا أيها الإخوة الكرام؛ العبادات في الديانات الوضعية الوثنية طقوسٌ لا معنى لها إطلاقاً، حركاتٌ، وإيماءاتٌ، وتمتماتٌ لا تعني شيئاً، ولكن العبادات في الإسلام عباداتٌ معللةٌ بمصالح الخلق، قال تعالى:
﴿ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45)﴾
تنهى نهياً ذاتياً، وأروع ما في الدين هذا النهي الذاتي، الوازع الداخلي، مثل بسيط: أعرابي راعي غنم، أراد ابن عمر -كما تروي الروايات-أن يمتحنه قال له: بعني هذه الشاة وخذ ثمنها؟ قال: ليست لي، قال: قل لصاحبها ماتت أو أكلها الذئب؟ قال: ليست لي، قال: خذ ثمنَها؟ قال: والله إنني لفي أشدّ الحاجة إلى ثمنها، ولو قلت لصاحبها ماتت أو أكلها الذئب لصدقني، فإني عنده صادقٌ أمين، ولكن أين الله؟ عظمة هذا الدين كله مترَكِّزة في الوازع الداخلي، رجل وضع على طاولتي ورقةً قبل سنوات، قال: والله أديت لورثةٍ عشرين مليوناً لا يعلمون عنها شيئاً، ولست مُداناً في الأرض بها، ولا محاسباً عليها، ولا مطالباً بها، الوازع الداخلي هذا أعظم شيءٍ في الدين، الوازع الداخلي.
إنسان في رمضان، وفي الحمام، والماء بارد كالزلال، وهو صائم، هل يستطيع أن يُدْخِل في فمه قطرةً واحدة؟ من يراقبه؟ الله جلّ جلاله، أي لا يوجد إنسان يمكن أن ينضبط كالمؤمن، لأن الله معه، أما اجعل الضبطَ ضبطاً خارجيّاً، مستحيل.
الدين مبني على الوازع الداخلي:
لو تخيلنا أنه ليس في الإسلام صيام، وأراد أولو الأمر أن يفرضوا الصيام من أجل صحة الناس، ونقاء أجسامهم، هل يستطيع ولي أمر المسلمين في أي زمانٍ أو مكان أن يُحَقِق هذا الأمر؟ طبعاً الإنسان لا يشرب أمام الناس، أما إذا دخل بيته يشرب، ويأكل، ويفعل كل شيء، إذاً ما هذا الدين الذي يجعل الإنسان مُرَاقباً وهو في فراشه؟ مُراقباً وهو في بيته؟ مُراقباً وهو في أداء حاجاته؟ إلا الدين، الدين مبني على الوازع الداخلي، أساس هذا الوازع: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ﴾ أما في بلاد الغرب، بلاد الرُّقي، كل هذا الرقي ضبطٌ خارجي، ضبط إلكتروني، سوق فيه ألوف الملايين من البضائع، خمسة موظفين على أبواب هذا السوق، فأيةٍ سلعةٍ لم يُدفع ثمنها تصدر صوتاً، يُلقى القبض على هذا الإنسان المحتال، فمادام أي سلعة في هذا السوق الكبير إن لم تدفع ثمنها، وتُلغي تأثير هذه المادة، وأنت خارج يصدر صوت كبير، إذاً هذه استقامة الناس هناك أساسها الرادع الخارجي، هنا الفرق الكبير بين المسلم وبين الإنسان المدني المنضبط بالقوانين، إنسان ينضبط بالقوانين لأن هناك أدوات مراقبة عالية جداً، لكن يوم انقطعت الكهرباء في نيويورك، تمت مئتا ألف سرقة بقيمة اثنين بليون دولار، انقطعت الكهرباء فانقطع الرادع، فانقطعت المراقبة، فانتهى الأمر، نظام الإسلام مبني على الوازع، ونظام العلمنة مبني على الرادع الخارجي، وشتان بين الوازع والرادع، أي السرعات محددة في أمريكا، ما هو الرادع الذي يكشفها؟ أجهزة رادار موضوعة على أطراف الطرق، لكن الإنسان أذكى من واضع القانون، اخترع جهازاً يُطْلق لمركبته العنان إلى سرعة مئتي كيلو متر في الساعة، أما في السيارة جهاز قبل جهاز الرادار يصدر أصوات يخفف السائق السرعة إلى السرعة المطلوبة، إذاً هذا جهاز الضبط الذي صنعه أولو الأمر ألغي بجهازٍ مقابل، فلابدّ لأولي الأمر من أن يصنعوا جهازاً يكشفون ما في المركبات من أجهزة، وهذه معركةٌ لا تنتهي، واضع القانون ذكي، والمواطن أذكى، وهي معركة بين واضع القانون، وبين الذي يُطبَّق عليه القانون، والقضية لا تنتهي، أما في الإسلام فالمشرِّع هو الله.
﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (4)﴾
انتهى الأمر.
كل الفضائل الإنسانية أساسها اتصالٌ بالله عزَّ وجل:
المؤمن يخاف، المشرع هو الله: ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ﴾ .
﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19)﴾
شخص يجلس في غرفته، ينظر من النافذة، فإذا في بيت الجيران امرأةٌ خرجت إلى الشرفة، مَن يستطيع أن يضبطه أنه ينظر إليها إلا الله؟ امرأةٌ أمام طبيبٍ مسلم، مَن الذي يكشف انتقال طرْفه إلى مكانٍ ينبغي ألا ينظر إليه؟ الله عزَّ وجل، ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ﴾ أعظم ما في هذا الدين أن الإنسان مراقب من قِبَل الله عزَّ وجل، والذي يشعر بهذه المراقبة لابد من أن يستقيم على أمر الله، الصلاة هي التي تمنح الإنسان هذه المراقبة، وهذا الانضباط الذاتي، وهذا الفعل الرائع في الوازع الداخلي، فلذلك لا خير في دينٍ لا صلاة فيه، الصلاة عماد الدين.
أيها الإخوة؛ طبعاً هذا التمهيد لأن الآية دقيقة جداً، ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ﴾ .
أيها الإخوة؛ الصلاة اتصالٌ بالله عزَّ وجل، أنت إن اتصلت بالرحيم اشتققت منه الرحمة، إن اتصلت بالقوي اشتققت منه الشجاعة، إن اتصلت بالحكيم اشتققت منه الحكمة، فكل الفضائل الإنسانية أساسها اتصالٌ بالله عزَّ وجل، إن مكارم الأخلاق مخزونةٌ عند الله تعالى، فإذا أحبّ الله عبداً منحه خلقاً حسناً، كل الفضائل التي يتمتع بها المؤمن من أين تأتيه؟ من اتصاله بالله عزَّ وجل، فالصلاة عماد الدين.
من خلال اتصالك بالله عزَّ وجل تكتسب الحكمة:
الصلاة أيها الأخوة قُربٌ من الله تعالى، قال تعالى:
﴿ كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)﴾
الصلاة ذكر لله عزَّ وجل: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ الصلاة طهارةٌ من كل دنس، الصلاة طهور، والصلاة نور، معك مصباحٌ وضَّاء يكشف لك الحق حقاً فتتبعه، ويكشف لك الباطل باطلاً فتجتنبه، ما هذا النور؟
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29)﴾
من خلال اتصالك بالله يُقذف في قلبك النور، ترى به الحق حقاً والباطل باطلاً، الخير خيراً والشر شراً.
أيها الإخوة؛ ومن خلال اتصالك بالله عزَّ وجل تكتسب الحكمة، قال تعالى:
﴿ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (269)﴾
هي طهور، وهي نور.
الصلاة طهور ونور وحبور وقُرب من الله:
بالمناسبة ما من عملٍ أحمق، ما من عمل مدمِّر إلا ينطلق من عمىً:
﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46)﴾
وما من عملٍ نافعٍ، ما من عملٍ يرقى بالإنسان إلا ينطلق من رؤيةٍ صحيحة، فكل إنسان يتقي الله يجعل له نوراً يمشي به في الناس.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28)﴾
الصلاة طهور، والصلاة نور، والصلاة حبور، سعادة:
(( عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ: رجلٌ من خُزاعةَ : لَيْتَنِي صَلَّيْتُ فاستَرَحْتُ، فكأنهم عابوا ذلك عليه، فقال : سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم - يقولُ : أَقِمِ الصلاةَ يا بلالُ! أَرِحْنا بها. ))
[ هداية الرواة: خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح ]
وفرقٌ كبير بين أرحنا بها وبين أرحنا منها، الصلاة يرتاح بها المؤمن، وهي عبءٌ على المنافق، فرقٌ بين أن تكون راحةً وبين أن تكون عبئاً، إذاً الصلاة طهور، والصلاة نور، والصلاة حبور، والصلاة قُرب: ﴿وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ﴾ .
الصلاة ذِكر وعقل ومناجاة:
الصلاة ذِكر:
﴿ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14)﴾
والصلاة عقل، لَيْسَ لِلْمرْءِ مِنْ صَلاَتِهِ إِلاَّ مَا عَقَلَ مِنْهَا، والدليل:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا (43)﴾
فالذي يصلي ولا يعلم ماذا قرأ في الصلاة هذا في حكم السكران، فالصلاة عقلٌ، وقربٌ، وذِكرٌ، وسعادةٌ، وطهارةٌ، ونورٌ، والصلاة عروجٌ إلى الله عزَّ وجل، الصلاة معراج المؤمن، والصلاة مناجاةٌ لله عزَّ وجل: لو يعلم المصلي من يناجي ما انفتل، الصلاة مناجاة، وعروج، ونور، وحبور، وطهور، وذِكر، وعقل، وقُرب، وما إلى ذلك، لذلك يتفاوت المؤمنون فيما بينهم بإحكام اتصالهم بالله عزَّ وجل.
الشرط الأساسي للصلاة أن تلتزم منهج الله عزَّ وجل:
إخواننا الكرام؛ من البديهيّات في الدين التي لابد من أن تكون واضحةً في أذهانكم أن كل ذنبٍ يحجبك عن الله، إن أردت أن يكون الطريقُ سالكاً، إن أردت أن يكون البابُ مفتوحاً، إن أردت أن يكون الاتصالُ مُحْكماً فلابد من أن تستقيم على أمر الله، فالشرط الأساسي للصلاة أن تلتزم منهج الله عزَّ وجل.
نحن يوجد عندنا أحكام الفقهاء وهي رائعةٌ جداً، ولكن تتناول شكليات الصلاة، فلابد من أن تتوضأ، والوضوء له أحكام، وله فرائض، وله واجبات، وله سنن، وله مستحبات، ولابد من أن تتوَجَّه نحو القبلة، ولابد من أن يكون المكان طاهراً، والثوب طاهراً، والبدَن طاهراً، ولابد من أن يدخل وقت الصلاة، ولابد من أن تقف، وأن تقرأ، وأن تركع، وأن تسجد، هذه أحكام الصلاة، ولكن هذا عند الفقهاء، أما عند علماء القلوب فلابد من أن تستقيم على أمر الله حتى يكون الاتصال ناجحاً بينك وبين الله، أي ذنبٍ يحجبك عن الله، فإذا تكاثرت الذنوب كان الران على القلب.
﴿ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14)﴾
حينما يستمر الإنسانُ في الخطأ، وفي المخالفات، وفي بعض المعاصي، هذه كلها تجعل قلبه في غلافٍ.
﴿ وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ (88)﴾
مغلَّفة بالمعاصي، فكل معصيةٍ حجابٌ عن الله عزَّ وجل، الآن الحُجُب أنواع؛ هناك حجاب رقيق يُزال سريعاً، هناك حجاب كثيف، أحياناً هناك ورقة، أحياناً هناك ورقة ذات سمك أعلى، أحياناً هناك جدار إسمنتي، فكلما كَبُرت المعصية ازداد الحجاب، وكل إنسان يهمل التوبة يكثف حجابُه شيئاً فشيئاً حتى يألف القطيعة عن الله عزَّ وجل، عندئذٍ لا يعي على خير، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(( عن أبي هريرة: إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَخْطَأَ خَطِيئَةً نُكِتَتْ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فَإِذَا هُوَ نَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ وَتَابَ سُقِلَ قَلْبُهُ وَإِنْ عَادَ زِيدَ فِيهَا حَتَّى تَعْلُوَ قَلْبَهُ وَهُوَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ. ))
المؤمن بالصلاة يفعل المعجزات:
هذه الصلاة أي الفرق الصارخ بين أصحاب رسول الله الذين افتدوه بأرواحهم، وبذلوا الغالي والرخيص، والنفس والنفيس، ما هذا؟! صحابي يقع في الأسر، يقول له أبو سفيان: أتحب أن يكون محمدٌ مكانك وأنت في أهلك؟ فانتفض وقال: والله ما أحبّ أن أكون في أهلي وولدي، وعندي عافية الدنيا ونعيمها، ويصاب رسول الله بشوكة، حتى قال أبو سفيان وكان مشركاً: ما رأيت أحداً يحب أحداً كحب أصحاب محمدٍ محمداً.
هذا الحب المتأجج من أين يأتي؟ من الاتصال بالله، امرأةٌ، كلكم يعلم مَن هي المرأة، امرأة ترى زوجها مقتولاً في معركة أحد ثم ترى ابنها مقتولاً، ثم ترى أخاها مقتولاً، ثم ترى أباها مقتولاً، من أندر القصص، أبوها، وأخوها، وزوجها، وابنها، هل هناك من رجال ألصق من هؤلاء بالمرأة؟ ما تقول شيئاً، تقول: ما فعل رسول الله؟ فما زالت مضطربةً حتى رأته سليماً معافىً، قالت: يا رسول الله كل مصيبةٍ بعدك تهون، هذا الحب.
هذا الحب من أين جاء؟ من الاتصال بالله، تجد المؤمن يفعل المعجزات، والله عزَّ وجل يُمَكِّنه، يمدّه بقوةُ، مركبة فخمة جداً، مطلية بطلاء رائع زاهٍ، مقاعد وثيرة، مرايا نظيفة، أبواب فارهة، لكن ليس فيها محرك، هذه ليست مركبة، ليست سيارة، هذه وقَّافة، هذه الطائرة المطعم الموجودة عندنا في الشام، هل تُعَدّ هذه طائرة؟ ليس فيها محرك، فالإنسان من دون صلاة بلا محرك، بارِكٌ، أما بالصلاة فيفعل المعجزات، قد يعمل عشرين ساعة دون تعب، والذي لا يصلي يتعب بعد ربع ساعة، يميل للراحة، يميل للاسترخاء، يميل لاستهلاك جهد الآخرين، يميل إلى كل شيء مريح، أما المصلي فيفعل كل شيء.
أحبّ شيءٍ إلى الله الصلاة على وقتها:
بين الصحابة الكرام وبين مسلمي آخر الزمان الصلاة، اعتنوا بها عنايةً فائقة، فاتصلوا بالله، وكانوا كالمراجل، ولمّا لم يحافظ المسلمون على الصلاة-دققوا الآن-صلوها ولكن لم يحافظوا عليها، إنسانٌ دخله حرام، الله أكبر، يقف، ويُكَبِّر، ويقرأ، ويركع، ويسجد، ولكنه مقطوع عن الله عزَّ وجل، ليس موصولاً معه، متلبس بمعاص، ظالم للناس مثلاً، زوج ظالم لزوجته، شريك ظالم لشريكه، الدخل حرام، العلاقات مع النساء كلها غير منضبطة، البيت غير إسلامي، الأولاد لم يتلقوا تربيةً من أبيهم، وإذا صليت الآن!!
إياكم ثم إياكم أن تفهموا مني أن هذه الصلاة ينبغي أن تُترك، أعوذ بالله، أعوذ بالله أن أقول هذا الكلام، ولكن إن لم ينضم إليها الاستقامة والعمل الصالح لا تقطف ثمارها، وكنت أقول لكم دائماً: السلامة تحتاج إلى استقامة، والسعادة تحتاج إلى بذل، فما لم تستقم على أمر الله وتبذل من مالك ووقتك وجهدك شيئاً لإرضاء الله عزَّ وجل لن تستطيع أن تتصل بالله، ولا أن تقطف الثمار من الصلاة.
لهذه المقدمة أقول: يقول الله عزَّ وجل: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ﴾ حافظوا على أدائها في وقتها، وأحبّ شيءٍ إلى الله الصلاة على وقتها، ومَن أخَّر الصلاة عن وقتها أذهب الله البركة من عمره، حافظوا على الصلوات في أوقاتها، حافظوا عليها بإتمامها على النحو الذي أراده الله عزَّ وجل، الوقوف، والركوع، والسجود، والقراءة، حافظوا على الصلاة بمعنى أن تُسْبَقَ باستقامة على أمر الله، إذا حافظ الطالبُ على الدوام في الجامعة ولكنه لم يدرس ولا كلمة، ما قيمة هذا الدوام؟ ما درس، فالحفاظ على الجامعة لا يعني أن تداوم فقط، يعني أن تدرس في البيت.
لابدّ من أن تستقيم على أمر الله حتى يُتاح لك أن تتصل بالله:
لذلك يقول الله عزَّ وجل: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾ داوموا على أدائها لأوقاتها مع رعاية فرائضها، وسننها من غير إخلالٍ بشيءٍ منها، كان عليه الصلاة والسلام أخفّ الناس صلاةً في تمام، المحافظة على الصلاة بالمعنى الفقهي سهل جداً، أن تصليها في وقتها، أن يكون وضوءك سابغاً، أن يدخل الوقت، أن تتجه نحو القبلة، أن يكون البدن طاهراً، والثوب طاهراً، والمكان طاهراً، وأن تقف، وتركع، وتسجد، وتقرأ كما أراد النبي عليه الصلاة والسلام:
(( عن مالك بن الحُويرث: صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي. ))
هذا عند الفقهاء، أما عند علماء القلوب فلابد من أن تسبق الصلاة طاعةٌ لله، لابدّ من أن تدخل إلى الصلاة وأنت مستقيمٌ على أمر الله، ضابطٌ للسانك، ضابط لعينك، ضابط ليدك، ضابط لأذنك، ضابط لرجلك، أبداً، هذا كلام دقيق، فضلاً عن شروط الفقهاء من أن تقف، وأن تتوضَّأ، وأن تقف تجاه القبلة، فضلاً عن شروط الفقهاء لابد من شرط علماء القلوب، لابد من أن تستقيم على أمر الله حتى يتاح لك أن تتصل بالله.
إن أردت أسرع من ذلك، لابد من أن تبذل شيئاً قبل الصلاة، شيئاً من وقتك، من مالك، أن تعمل عملاً صالحاً، نصيحة مسلم، أمراً بالمعروف، نهياً عن المنكر، أن ترشد الإنسانَ الضّال، أن تُعين الضعيف، أن تعطيَ الفقيرَ، أن تعتني بطالب العلم، لابد من عملٍ يكون هديةً بينك وبين الله.
لا تستطيع أن تتصل بالله إلا بعملٍ طيب:
كنت أضرب مثلاً للتقريب؛ جندي غِر التحق بثكنة، على رأسها ضابط يحمل رتبة لواء، بين هذا الجندي الغر وبين هذا اللواء لا يُتاح لهذا الجندي الغر أن يدخل على اللواء، مستحيل، من سابع المستحيلات أن يُسمح له بمقابلته، لأنّ هناك مراتب كثيرة جداً، هناك تسلسل، إلا في حالةٍ واحدة أن يرى هذا الجندي ابن هذا اللواء يسبح، وكاد يغرق، فيلقي بنفسه وينقذه من الغرق، في اليوم التالي يستطيع أن يُلغي كل هذا التسلسل، وأن يقتحم عليه غرفته ويقول له: أنا فلان، فإذا باللواء يقف له، يقول له: أنت فعلت معي شيئاً لا أنساه حتى الموت، مثلاً، ما الذي جعل هذا الجندي الغر يقتحم مكتب اللواء ويدخله بوجهٍ أبيض؟ عمله الطيب، أنت بشكلٍ أو بآخر لا تستطيع أن تتصل بالله إلا بعملٍ طيب، الدليل:
﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110)﴾
أبواب الله مفتَّحة، الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق، اعمل عملاً طيباً، بالبيت هناك عمل طيب، كن أباً كاملاً، هذا عمل طيب، كن ابناً باراً، كوني زوجةً وفيةً، كن أخاً رحيماً، الآن كن تاجراً صدوقاً، كن موظفاً أميناً على مصالح المواطنين، اخدم الناس؛ كن صادقاً، كن أميناً، كن عفيفاً، ابذل، انصح الناس، اخدمهم وتعالَ إلى الصلاة، تقف وجهك أبيض كهذا الجندي الذي اقتحم على اللواء مكتبه لأنه عمل معه عملاً طيباً.
أنا أقول لبعض الإخوة: كل هؤلاء الناس عباد الله، فإذا أكرمتهم، إذا نصحتهم، إذا طمأنتهم، إذا أخلصت لهم، إذا قدَّمت لهم خدمة، أعنت ضعيفَهم، أطعمت جائعهم، كسوت عاريهم، الله عزَّ وجل يتجلَّى عليك بالصلاة، كلام دقيق وواضح كالشمس أيها الإخوة، هذه أدق نقطةٍ في الصلاة، أنت الآن تقف بين يدي الله عزَّ وجل كي تتصل به، وقد ضربت فلاناً، وشتمت فلاناً، واعتديت على فلان، وقتلت فلاناً، وابتززت مال فلان، واحتلت على فلان، وتقول: يا رب الحمد لله رب العالمين، تجد الطريق مسدوداً، ملعون هذا الإنسان، لعنه الله، أبعده عن جلاله، كيف تستطيع أن تصلي ومالُك حرام؟ كيف تستطيع أن تصلي وإنك تبني مجدك على أنقاض الآخرين؟ تبني حياتك على موتهم، تبني غناك على فقرهم، تبني أمنك على خوفهم، كيف تستطيع أن تُصلّي وقد أسأت لمن حولك؟ زوج ظالم، تاجر غشاش، ماكر، شريك محتال، موظف يبتز أموال الناس، يعقِّد الأمر عليهم، كيف تستطيع أن تصلي؟ بإمكانك أن تقف، وأن تقرأ، وأن تركع، وأن تسجد، أما أن تتصل بالله وقد أسأت إلى خلقه، وابتززت أموالهم، وأخفتهم، وأتعبتهم، والإنسان بُنيان الله، وملعون مَن هدم بنيان الله، لا تستطيع أن تصلي.
إن أردت أن تكون موصولاً بالله فعليك بطاعة الله والإحسان إلى خَلْقه:
أكاد أقول أيها الإخوة: هذه أخطر نقطة في الدين كله، هذا الدين الذي لنا كله، تستقيم، تكون صادقاً، قَالَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ:
(( عن أم سلمة أم المؤمنين: أَيُّهَا الْمَلِكُ كُنَّا قَوْماً أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ، وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ، وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ، وَنَقْطَعُ الْأَرْحَامَ، وَنُسِيءُ الْجِوَارَ، يَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا رَسُولاً مِنَّا نَعْرِفُ نَسَبَهُ، وَصِدْقَهُ، وَأَمَانَتَهُ، وَعَفَافَهُ، فَدَعَانَا إِلَى اللَّهِ لِنُوَحِّدَهُ وَنَعْبُدَهُ وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ الْحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ، وَأَمَرَنَا بِصَدْقِ الْحَدِيثِ، وَأَدَاءِ الأَمَانَةِ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ، وَحُسْنِ الْجِوَارِ، والْكَفِّ عَنْ الْمَحَارِمِ وَالدِّمَاءِ. ))
[ اسناده صحيح أخرجه أحمد ]
هذا الإسلام، الإسلام أخلاق، الإسلام صدق، الإسلام أمانة، الإسلام نصيحة، الإسلام عفة، الإسلام حكمة، الإسلام رحمة، هذا الإسلام، تكون هكذا الطريق إلى الله سالك، الآن إنسان عنده هاتف ولكن لا يوجد خط، رفع السماعة لم يسمع صوتاً، ليس للخطِّ قيمة إطلاقاً إلا بهذا الصوت، يوجد خط، إذا كان هناك استقامة هناك صوت، يوجد خط، لا يوجد استقامة لا يوجد خط، الخط مقطوع، يقول لك: لا يوجد حرارة بالخط، الاستقامة تعمل حرارة، من دون استقامة لا يوجد حرارة، الخط مقطوع، إن أردت أن تكون موصولاً بالله فعليك بطاعة الله، عليك بالإحسان إلى خَلْقه، الإنسان بنيان الله وملعونٌ من هدم بنيان الله.
جاء إنسانٌ فقيرٌ ليشتري منك حاجة، شعرت أنه مغفّلٌ، جاهل، بِعته حاجةً سيِّئةً بسعرٍ باهظ، أخي حان وقت الصلاة، وقد أذَّن، هيا إلى المسجد، أي مسجد هذا؟ هذه اسمها احتيال، أنت تغش الناس، تكذب عليهم، تبتزُّ أموالهم، تخوِّفهم أحياناً، تحتال عليهم، تطلب شيئاً ليس من حقك أن تأخذه، ولادة طبيعية، تقول: قيصرية، هذا الطبيب، والمدرس، والمحامي، وكل إنسان يغلط، قضية خاسرة، يقول: لا، سأكسبها لك، ثماني سنوات ذهبت معه، هات عشرة، وهات عشرة حتى ابتزَّ منه مئتي ألف، بعد ذلك قال له: خصمك دبَّر القاضي، ماذا أفعل لك؟! ويصلي ويقف في أول صف، ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ﴾ بمعنى حافظ على استقامة قبل الصلاة، حافظ على التزامٍ قبل الصلاة، حافظ على طاعةٍ الله قبل الصلاة، حافظ على إحسانٍ للخلق قبل الصلاة، حتى تجد الطريق سالكاً، حتى تجد صوتاً في هذا التليفون.
أيها الإخوة؛ ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى﴾ .
قال: ﴿الْوُسْطَى﴾ ؛ هي الوسطى بين الصلوات، بمعنى المتوسطة، هناك مَن قال: الصبح هي الصلاة الوسطى، بعضهم قال: الظهر، بعضهم قال: العصر، بعضهم قال: المغرب، بعضهم قال: العشاء، ولكل هذه الأوقات الخمس أقوالٌ معتمدة، أي قضية خلافية.
2 ـ الصلاة المعتدلة بين الطول والقصر والجهر والإسرار والتكلف والتساهل:
بعضهم قال: ﴿الصَّلَاةِ الْوُسْطَى﴾ هي الصلاة المتوسطة:
﴿ قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (110)﴾
لا يوجد صلاة أربع ساعات، ولا صلاة دقيقة واحدة، صلاة وسطى، معتدلة في الطول والقصر، في الجهر والسر، أي هناك صلاة فيها تكلُّف غير مقبول، هناك صلاة فيها تساهل، الصلاة الوسطى بين الصلاتين، بين التكلف الممقوت والتساهل الذي يؤدي إلى عدم قَبولها، بين إطالتها إطالةً غير معقولة وبين أن تكون مختصرة، بين أن ترفع صوتك فتُشوِّش على الناس كلهم، يكون هناك درس علم يأتي أخ يريد أن يصلي، يقتدي فيه اثنان أو ثلاثة، يجب أن يُسمع الحرم والصحن بصوته!! شوشت على الدنيا كلها، أسمع مَن حولك، لا، هو متقن التجويد، يجب أنْ يُسمعك، فالصلاة الوسطى المعتدلة بين الطول والقصر، بين الجهر والإسرار، بين التكلف المقيت وبين التساهل المتفلِّت، هذا هو المعنى الثاني.
3 ـ إحدى الصلوات غير الصلوات الخمس:
قال بعضهم: هي بعض الصلوات الخاصة غير الخمس، كصلاة الفطر، وصلاة الأضحى، وصلاة الجماعة، وصلاة الخوف، أو صلاة الجمعة، أيْ إما الصلوات غير الخمس، ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى﴾ أو على طريقة للصلاة معتدلة متوسطة، أو على أوقات بعينها، وبعضهم قال: حافظوا على الصلاة بين الصلاتين، كن مع الله عزَّ وجل بالدعاء وبالإقبال.
4 ـ الصلاة الوسطى هي صلاة العصر:
أما علماء الأثر فقد ذهبوا إلى معنى الصلاة الوسطى أنها صلاة العصر، لِما في الصحيحين عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم الأحزاب، وفي رواية يوم الخندق عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْأَحْزَابِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(( عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَلَأَ اللَّهُ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَاراً شَغَلُونَا عَنْ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى حَتَّى غَابَتْ الشَّمْسُ. ))
(( وفي روايةٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَوْمَ الْأَحْزَابِ شَغَلُونَا عَنْ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مَلَأَ اللَّهُ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَاراً ثُمَّ صَلَّاهَا بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ. ))
النبي عليه الصلاة والسلام روي عنه في الصحيحين أن الصلاة الوسطى صلاة العصر، إذاً يمكن أن تكون إحدى الصلوات الخمس، أو أن تكون إحدى الصلوات غير الصلوات الخمس؛ الفطر، والأضحى، والجمعة، والخوف، والجنازة، ويمكن أن تكون الصلاة الوسطى الصلاة المعتدلة بين الطول والقصر، والإجهار والإسرار، والتكلف والتساهل، ويمكن أن تكون بحسب هذا الأثر الصحيح أن الصلاة الوسطى هي صلاة العصر.
أيها الإخوة؛ بيَّن بعض العلماء ما في هذا العصر من فضائل فقال: ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الشيخان عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: الَّذِي تَفُوتُهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ كَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ. ))
أي خسر أهله وماله، شخص يخسر أولاده وزوجته بحريق بيت مثلاً، أو يفلس، هكذا قال عليه الصلاة والسلام في الصحيحين.
وفي حديثٍ آخر أخرجه الإمام البخاري عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ قَال:
(( عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ: كُنَّا مَعَ بُرَيْدَةَ فِي غَزْوَةٍ فِي يَوْمٍ ذِي غَيْمٍ فَقَالَ: بَكِّرُوا بِصَلَاةِ الْعَصْرِ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ. ))
أي قدموها في أول وقتها. وفي حديثٍ ثالث:
(( عن بريدة: مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ الْعَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ. ))
و: ((بَكِّرُوا بِصَلَاةِ الْعَصْرِ)) أو قدموها في أول وقتها، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: ((الَّذِي تَفُوتُهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ كَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ)) .
أدلَّة كثيرة من القرآن والسُّنة تؤكد على أن الصلاة الوسطى هي صلاة العصر:
هناك أدلَّة كثيرة على أن هذه الصلاة هي صلاة العصر، لكن قال بعض العلماء: الساعة التي في يوم الجمعة، ساعة الدعاء المستجاب، تكون بعد العصر، هذا أحد أسباب ترجيح صلاة العصر، الشيء الأساسي أن النبي صلى الله عليه وسلَّم غلَّظ المصيبة في فواتها بذهاب الأهل والمال في الحديث المتقدِّم، أي أول شيء يدعونا إلى أن نُعْظِم هذه الصلاة أن النبي صلى الله عليه وسلم غلّظ المصيبة في فواتها بذهاب الأهل والمال في الحديث المتقدم.
وشيءٌ آخر هو أنّ حبوط عمل تاركها المضيع لها في الحديث الثالث أيضاً، العمل يحبط لمن ترك صلاة العصر، ومنها أنها كانت أحبّ إليهم من أنفسهم، وآبائهم، وأبنائهم، وأهليهم، وأموالهم، صلاة العصر،
(( ومنها حديثٌ عَنْ أَبِي بَصْرَةَ الْغِفَارِيِّ قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْعَصْرَ بِالْمُخَمَّصِ فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ عُرِضَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَضَيَّعُوهَا فَمَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا كَانَ لَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ وَلَا صَلَاةَ بَعْدَهَا حَتَّى يَطْلُعَ الشَّاهِدُ وَالشَّاهِدُ النَّجْمُ. ))
ومنها: أن انتظارها بعد الجمعة كعُمرة كما روى بعضهم في الحديث الشريف:
(( قال رسول الله ﷺ: إنّ لكم في كل جمعة حجّة وعمرة، فالحجّة الهجير للجمعة، والعمرة انتظار العصر بعد الجمعة. ))
ومنها؛
(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ؛ رَجُلٌ كَانَ لَهُ فَضْلُ مَاءٍ بِالطَّرِيقِ فَمَنَعَهُ مِنْ ابْنِ السَّبِيلِ، وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَاماً لَا يُبَايِعُهُ إِلَّا لِدُنْيَا فَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا سَخِطَ، وَرَجُلٌ أَقَامَ سِلْعَتَهُ بَعْدَ الْعَصْرِ فَقَالَ: وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ لَقَدْ أَعْطَيْتُ بِهَا كَذَا وَكَذَا فَصَدَّقَهُ رَجُلٌ ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً.))
وسيدنا سُليمان كما يُذْكر أتلف مالاً عظيماً لأنه شغله عن صلاة العصر، ومن هذا أيضاً أن الساعة التي في يوم الجمعة ساعة الاستجابة هي بعد العصر من يوم الجمعة كما يُرجِّح بعض العلماء، ومنها أن وقت صلاة العصر وقت ارتفاع الأعمال إلى الله عزَّ وجل، ومنها الحديث المرفوع: "إن الله تعالى يوحي إلى الملكين: لا تكتبا على عبدي الصائم بعد العصر سيئةً" .
ومنها ما جاء في قوله تعالى:
﴿ وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)﴾
قال بعض العلماء: هي الصلاة الوسطى أي صلاة العصر.
ومنها ما روي في الحديث أن الملائكة تصفُّ كل يوم بعد العصر بكتبها في السماء الدنيا، فينادي المَلَك: ألقِ تلك الصحيفة، فيقول: وعزتك ما كتبت إلا ما عمل، لكن الشيء الذي يلفت النظر أن هذا الوقت وقت نوم، أو وقت اشتغال بالتجارة، ومنها أن وقتها وقت اشتغال الناس بتجاراتهم ومعايشهم في الغالب.
الصلاة هي غاية الغايات وسيدة القربات:
إذاً وضعت بين أيديكم كل الاحتمالات، وجميع الأقوال المتعلقة بالصلاة الوسطى، يمكن أن نلخصها أن الصلاة الوسطى هي الصلوات الخمس على أقوال مختلفة، بعضهم قال الفجر، بعضهم قال: الظهر، بعضهم قال: العصر، أو المغرب، أو العشاء، ومنها الصلاة الفضلى المتوازنة المعتدلة بين الطول والقصر، والجهر والإسرار، وبين التكلف والتساهل، وبعضهم قال: هي الصلوات غير الصلوات الخمس كصلاة الفطر، والأضحى، والجمعة، والجنازة، وصلاة الخوف وما شاكل ذلك، وبعضهم قال كما ورد في الأثر صلاة العصر، وقد بينت لكم أقوال بعض العلماء في لماذا أشار النبي عليه الصلاة والسلام إلى أن هذه الصلاة هي صلاة العصر.
﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾ ورد في بعض الآثار أن الصحابة كانوا في أول فريضة الصلاة يتكلَّمون في أثناء الصلاة، فجاءت هذه الآية: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾ أي خاشعين صامتين، بالمناسبة قال بعضهم: الصلاة فيها من كل أركان الإسلام جانب؛ فيها من الصيام، الصيام امتناع عن الطعام والشراب، أما الصلاة فيها امتناع عن الطعام والشراب والكلام، فيها من الحج، التوجه إلى بيت الله الحرام، فيها من الزكاة، أن الوقت أصلٌ في كسب المال، وأنت تقتطع من وقتك وقتاً للصلاة، وفيها من الشهادتين أنك تتشهد فيها في القعود تقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، بل إن الصيام من أجل الصلاة، والقيام من أجل الصلاة، والحج من أجل الصلاة، والزكاة من أجل الصلاة، والصلاة من أجل الصلاة، هي غاية الغايات، هي سيدة القربات، هي معراج المؤمن إلى رب الأرض والسماوات، هي عماد الدين وعصام اليقين، هي سيدة القربات إلى الله عز وجل، الصلاة عماد الدين، من أقامها فقد أقام الدين، ومن تركها فقد هدم الدين.
يمكن للخائف أن يصلي راجلاً أو راكباً:
إذاً: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾ أي قف في الصلاة خاشعاً وساكتاً، لا يقال كلام آخر في الصلاة، مثلاً -وإن كانت هذه طرفة-لو رأيت أخاً لك يأخذ كتاباً لك، أو لو جئت بكتابٍ لتعطيه لأخيك وأنت في الصلاة، فقلت:
﴿ يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (12)﴾
الصلاة باطلة، لأنك استخدمت آيةً في القرآن الكريم لغير ما قصد الله منها، أردت أن تُنَبه أخاك إلى أن الكتاب جاهز خذه، إذا قلت: ﴿يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ﴾ فالصلاة باطلة لأنك لم تكن في الصلاة كنت خارج الصلاة، قال:
﴿ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (239)﴾
يمكن أن يُصلي الخائف من عدو آدمي أو غير آدمي يصلي وهو مترجل، ﴿فَرِجَالًا﴾ أي مترجلاً، أنت تمشي، وجهة الخائف جهة أمنه، وجهة المريض جهة راحته، وجهة المسافر جهة دابَّته، أو طائرته، قبلة المسافر جهة دابَّته، وقبلة المريض جهة راحته، وقبلة الخائف جهة أمنه، ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً﴾ إما أن تصلي وأنت راكب على دابة، أو على سفينة، أو في الطائرة، أو وأنت تمشي: ﴿فَإِذَا أَمِنْتُمْ﴾ انتهى الخوف: ﴿فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ﴾ .
الملف مدقق